بقلم الأب فرنسوا عقل المريمي
روما، الثلاثاء 10 نوفمبر 2009 (Zenit.org). – في ذكرى ولادتها كمنظّمة رهبانيّة في قلب الكنيسة الجامعة، تقف الرّهبانيّة المارونيّة للطّوباويّة مريم العذراء -المعروفة بالمريميّة-، إلى جانب شقيقتها التّوأم الرّهبانيّة المارونيّة اللبنانيّة، برهة استذكار وتأمّل وصلاة. لاحظة على الماضي وأخرى على المستقبل! وبين الغابر والماضي حاضر يستشرف التّاريخ ويستلهمه، فيستحضر طيف المؤسّسين الشّجعان الذين تركوا كلّ شيء من أجل من ألهمهم أنّ الزّهد في الجبال خير من ضوضاء المدائن، وصمت الأودية أفضل وسيلة لمنجاة الإله. إنّهم جبرائيل حواّ وعبدالله قرعلي ويوسف البتن والشّاب الواعد جرمانوس فرحات الذي سرعان ما حذا حذوهم في وهاد وادي النّساك والقدّيسين.
وما كان لهذه الرّهبانيّة أن تولد في العاشر من شهر تشرين الثّاني عام 1695، لولا وجود بطريرك قدّيس وداهية هو المثلّث الرّحمات البطريرك إسطفان الدّويهيّ الذي فاح عرف فضائله وعلمه في تلك النّواحي، فلمس ضرورة الحاجة إلى إنعاش نمط رهبانيّ طالما أعيته التّقاليد الثّقيلة الوطأة قديما، وشرائع حروف بشريّة فارغة من الرّوح أحيانا. فخرجت من كهف أنطونيوس وجزع شجرة مارون رهبانيّة جديدة، مزّقت عباءة أفلاطون الطّوباويّة وخاطت لها ثوبا من صنع أنطاكية السّريانيّة، إذ جمعت بين الصّلاة والرّسالة حيث أضحت صلاتها رسالة ورسالتها صلاة.
وها الرّهبانيّة المارونيّة للطّوباويّة مريم العذراء، بالرّغم من تباعد الواقع عن المثال أحيانا، تجدّد اليوم وعدها وعهدها بأديارها ومراكزها ورسالاتها وجامعتها ومدارسها وطبيعتها الرّهبانيّة الإكليريكيّة، أمينة لهدفها في تقديس نفوس أبنائها باعتناق المشورات الإنجيليّة وانتظامها في حياة ديريّة هي لها بمثابة نقطة انطلاق إلى عمل الرّسالة التي هي من صلب دعوتها والتزامها في قلب كنيسة يسوع إلهها وسيّدها وطريقها وغايتها.
كمريم شفيعتها تصلّي وتخدم؛ وعلى شبه أنطونيوس تزهد وتتأمّل؛ ونظير أفرام تجوب الدّيار فتعلّم وتربّي؛ ومثل مارون يؤمّها المتعطّشون إلى حياة الرّوح من كلّ حدب وصوب. فلنصلّ من أجلها في عيد ميلادها وشقيقتها، ومن أجل الكنيسة الأمّ والمعلّمة التي وفّرت لهما غذاء النّعمة والحكمة أمام الله والنّاس.