بقلم شربل الشعار
كندا، الاثنين 23 نوفمبر 2009 (Zenit.org). – لقد اصبحت نوعية الحياة عقيدة تستعملها المجتمعات الغربية لتبرير نمط العيش بغض النظر عن حقّ الضعفاء بالحياة خاصة الأجنة في الرحم والأطفال الفقراء. وتأتي عقلية قتل الطفل المشرف على الولادة بالإجهاض بسبب الخوف من تغيير نوعية الحياة التي اعتاد عليها الفرد في الدول الغربية. فيُعتبر هذا الطفل البريء وكأنه خطر على نمط هذه الحياة فيضحي وجوده في المستقبل بمثابة شرّ يندد ويهدد رخاء العيش، ولذا يشكل وجوده المستقل خارج الرحم مدعاة خوف لما يتسبب به من تغيير في مجرى الأمور الزمنية.
العائلة الصغيرة ونوعية الحياة
أغلب العائلات في جميع انحاء العالم اليوم يبلغ عدد أفرادها أربعة أشخاص: أب وأم وولدين فقط. الصين لا تسمح بأكثر من طفل واحد لكل عائلة، وكل طفل يتم الحمل به بعده، يُقتل بالإجهاض الإجباري. وعدد كثير من الدول يرغمون على سياسة طفلين لكل عائلة فقط. سيطرت نوعية الحياة على عقول الناس، وأصبحت الضيقة الاقتصادية والحكومات تضغط على الأهل للعمل خارج البيت، لدفع فواتير الحضانة، وبعض الدول تدعم الأهل بإعانات مالية لحضانة أطفالهم، بدل من استعانة الأهل بالأجداد والأقارب، الأمر الذي يحض الأهل دائماً على عدم تغيير نوعية الحياة وخسارة وظائفهم. ويضحي أي طفل إضافي عبئًا جديدًا وليس بركة من الله، لأنهم لا ينظرون إلى الحياة كهدية من الله.
عندما كنت اتحاور مع زميل لي في العمل حول عائلة في مدينة فنكوفر كندا لديها 18 ولد بدأ بالتكلّم عن الصعوبات التي قد يواجهها الأهل في تعليم اطفالهم إذا كانت العائلة كبيرة وعن نمط حياة كذا عائلة لدرجة أنه اعتبر العائلة الكبيرة كشرّ! هذه النظرة إنما تعكس نظرة أنانية للوجود تتناسى بركة الله وعنايته الإلهية المدبرة.
وسألت لهذا الشخص كيف يمكنك أن تجزم بأن عائلة مثل هذه لا تعيش نوعية حياة لائقة؟
في العائلة الصغيرة يهتم الأب والأم بأطفالهم، وفي العائلة الكبيرة يهتمّ الأولاد الكبار بإخوتهم الصغار، وبالنسبة للتعليم والمدارس يتعلم الأبناء والأطفال في المدارس الرسمية، ويحصلون على قروض من البنوك للذهاب إلى الجامعات.
ما هي نوعية الحياة التي نتكلم عنها إذًا؟ ومن يستطيع أن يجزم بأن أسلوب عيش استهلاكي معين هو المعيار لقياس نوعية الحياة؟
كما خاف هيرودوس من الطفل يسوع، يخاف بعض الناس اليوم من الأطفال المشرفين على الولادة، لأنهم يهدد نوعية حياتهم. يصبح الحمل بطفل في نظرهم شرّا، ويضحي الإجهاض في هذه الحال الشرّ الأخف من الشرور الثلاثة: الأمومة والتبنّي والإجهاض.
كذلك نرى بأن نوعية الحياة تعزز من قبل الحكومات والتشريعات التي نراها في كندا وكل الدول الغربية التي هدفها تخويف الناس من العائلة الكبيرة عبر استعمال عقيدة نوعية الحياة. ويتوسعون في لغة التخويف من الأشخاص المشرفين على الموت والمعوّقين الضعفاء في المجتمع، ليقولوا من جديد أن هذه الفئة من الناس لا تتمتع بنوعية حياة ملائمة لأنهم لا ينتجون ويشكلون خطرًا وتهديدًا على الذين يعتنون بهم، وهم عبء على الدولة التي تموّل تكاليف العناية الطبّية وتكاليف المساعدات المالية والإجتماعية، وبالتالي هم يشكلون تهديدًا لتوازن المجتمع! وانطلاقًا من نمط التفكير هذا، يتم تعزيز قوانين تسمح بالتخلّص من مثل هؤلاء الأشخاص بقتلهم بما سيمّى القتل الرحم.
بات نمط ونوعية الحياة إلهًا يستعبد الناس من تلاميذ المدارس إلى العائلات ليشمل المجتمع ككل . قدسية الحياة هي القيمة الأعلى وليست نوعية الحياة لان نوعية الحياة مادية بدون روح. كرامة الإنسان لا تنبع مما يملك، بل من كونه مخلوق على صورة الله ومثاله.