بقلم الخوري نسيم قسطون
القبيات، الجمعة 27 نوفمبر 2009 (Zenit.org) . – نقدم نص رسالة قداس الأحد بحسب الطقس الأنطاكي السرياني الماروني مع تعليق مقتبس من “نشرة الأحد” – موقع القبيات الإلكتروني.
* * *
مقدّمة
– أحد زيارة العذراء لأليصابات هو الأحد الثالث من زمن الميلاد وتدعونا الكنيسة فيه، من خلال نصّين من الرسالة إلى أهل أفسس ومن إنجيل لوقا، إلى تأمّل “البركة الإلهيّة” التي تؤكّد حلول وحضور يسوع المسيح في حياتنا!
– ففي الرسالة إلى أهل أفسس يدعونا مار بولس إلى تقبّل “البركة الروحيّة” الممنوحة لنا بالابن المتجسّد والمتجليّة في الدعوة إلى القداسة وإلى البنوّة الإلهيّة!
– أمّا في إنجيل لوقا فنتأمّل في “الابتهاج” الّذي ينجم عن حضور يسوع المسيح في حياتنا!
ففي هذا الأحد، تدعونا الكنيسة، لنكون في عداد المباركين الّذين يزرعون حضور يسوع أينما حلّوا، على مثال العذراء التي نقلت يسوع إلى منزل زكريا وأليصابات!
صلاة
نَشكُرُكَ أيّها الآب السماوي، “أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الـمَسِيح”، يا من باركتنا “بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ في السَّمَاوَاتِ في الـمَسِيح”؛
نَشكُرُكَ أيّها الابن المسيح، يا من باركت بشريّتنا بشخص يوحنا المعمدان وهو بعد جنين في حشا أليصابات،
نَشكُرُكَ أيها الرّوح القدس، يا من ملأت أليصابات فهتفت “يا ممتلئة نعمة…” ؛
هب لنا، أيها الثالوث الأقدس، أن نسارع إلى الخدمة كمريم، و أن ننشد بفرحٍ كأليصابات وأن نبتهج في حضرتك كيوحنا فيتمجّد بنا وبكلّ شيء اسمك المبارك في كلّ آنٍ وأوانٍ وإلى دهر الداهرين، آمين.
الرسالة
1 مِنْ بُولُس، رَسُولِ الـمَسِيحِ يَسُوعَ بِمَشِيئَةِ الله، إِلى القِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُم في أَفَسُسَ والأُمَنَاءِ في الـمَسِيح يَسُوع:
2 أَلنِّعْمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ اللهِ أَبِينَا والرَّبِّ يَسُوعَ الـمَسِيح!
3 تَبَارَكَ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الـمَسِيح، الَّذي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ في السَّمَاوَاتِ في الـمَسِيح؛
4 فإِنَّهُ اخْتَارَنَا فيهِ قَبْلَ إِنْشَاءِ العَالَم، لِنَكُونَ في حَضْرَتِهِ قِدِّيسِين، لا عَيْبَ فينَا؛
5 وقَدْ سَبَقَ بِمَحَبَّتِهِ فَحَدَّدَنَا أَنْ نَكُونَ لَهُ أَبْنَاءَ بِالتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الـمَسِيح، بِحَسَبِ رِضَى مَشِيئَتِهِ،
6 لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا في الـحَبِيب؛
7 وفيهِ لَنَا الفِدَاءُ بِدَمِهِ، أَي مَغْفِرَةُ الزَّلاَّت، بِحَسَبِ غِنَى نِعْمَتِهِ،
8 الَّتي أَفَاضَهَا عَلَيْنَا في كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْم؛
9 وقَدْ عَرَّفَنَا سِرَّ مَشِيئَتِهِ، بِحَسَبِ رِضَاهُ الَّذي سَبَقَ فَجَعَلَهُ في الـمَسِيح،
10 لِيُحَقِّقَ تَدْبِيرَ مِلْءِ الأَزْمِنَة، فَيَجْمَعَ في الـمَسِيحِ تَحْتَ رَأْسٍ وَاحِدٍ كُلَّ شَيء، مَا في السَّماوَاتِ ومَا عَلى الأَرْض؛
11 وفيهِ أَيْضًا اخْتَارَنَا مِيرَاثًا لَهُ، وقَدْ سَبَقَ فَحَدَّدَنَا بِحَسَبِ قَصْدِهِ، هُوَ الَّذي يَعْمَلُ كُلَّ شَيءٍ بِقَضَاءِ مَشِيئَتِهِ،
12 لِنَكُونَ مَدْحًا لِمَجْدِهِ، نَحْنُ الَّذِينَ سَبَقْنَا فجَعَلْنَا في الـمَسِيحِ رجَاءَنَا؛
13 وفيهِ أَنْتُم أَيْضًا، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُم كَلِمَةَ الـحَقِّ، أَي إِنْجِيلَ خَلاصِكُم، وآمَنْتُم، خُتِمْتُمْ بِالرُّوحِ القُدُسِ الـمَوعُودِ بِهِ،
14 وهُوَ عُربُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ شَعْبِهِ الَّذي اقْتَنَاه، ولِمَدْحِ مَجْدِهِ.
(أف 1/1-14)
تأمّل من وحي الرسالة
في رسالة اليوم، أحد زيارة العذراء لأليصابات، يدعو مار بولس أهل أفسس بتسمية “القدّيسين”.
لا شكّ بأنّ “القدّيسين” هم من أكبر النعم التي يغدقها الله على الكنيسة وعلى العالم، ومن آخر من أُعلِنوا طوباويين، مؤسِّسة “رهبانيّة الورديّة”، الأخت ماري ألفونسين، ابنة الناصرة، مسقط رأس العائلة المقدّسة، وفي ذلك:
• علامة رجاءٍ لشعبٍ يقاسي ويعاني الأَمَرَّيْن من جور الاحتلال والقهر والظلم،
• وعلامة من علامات الأزمنة يدعو الله من خلالها المسيحيين إلى الوثوق بكلام الربّ: “لا تخافوا” (لو113،لو130…) وتذكّروا: “ها أنا معكم إلى مدى الدهور” (متى 2820).
نلاحظ في رسالة اليوم أنّ مار بولس توجّه إلى جماعةٍ كاملة بتسمية لا تطلق عادةً على من لا يزالون على قيد الحياة وهذا دليلٌ على خصال وأخلاق هذه الجماعة النابضة بروح الله، كما يظهر من باقي الرّسالة.
هذه التسمية نفسها يتوجّه بها الكاهن أيضاً، في الطقس الماروني، إلى جماعة المؤمنين، عندما يدعوهم إلى المناولة قائلاً: “الأقداس للقدّيسين، بالكمال والنقاوة والقداسة”.
وفي ذلك دعوة إلى التفكّر، كلّ واحد بواقعه، وعن الفارق بين هذا الواقع وبين الدعوة التي دعانا الله إليها حين “اخْتَارَنَا فيهِ قَبْلَ إِنْشَاءِ العَالَم، لِنَكُونَ في حَضْرَتِهِ قِدِّيسِين، لا عَيْبَ فينَا؛ وقَدْ سَبَقَ بِمَحَبَّتِهِ فَحَدَّدَنَا أَنْ نَكُونَ لَهُ أَبْنَاءَ بِالتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الـمَسِيح، بِحَسَبِ رِضَى مَشِيئَتِهِ”.
يضيء مار بولس على السبيل لتحقيق هذه القداسة
عبر التسمية الثانية وهي “الأُمَنَاءِ في الـمَسِيح يَسُوع”.
الأمانة هي التعبير عن عرفان الجميل لمن “بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ في السَّمَاوَاتِ في الـمَسِيح”. فالله أغدق علينا عطايا التي يعدّد منها الرسول، في رسالة اليوم، أنّه “اخْتَارَنَا فيهِ قَبْلَ إِنْشَاءِ العَالَم، لِنَكُونَ في حَضْرَتِهِ قِدِّيسِين، لا عَيْبَ فينَا؛… فَحَدَّدَنَا أَنْ نَكُونَ لَهُ أَبْنَاءَ بِالتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الـمَسِيح، بِحَسَبِ رِضَى مَشِيئَتِهِ،… وفيهِ لَنَا الفِدَاءُ بِدَمِهِ، أَي مَغْفِرَةُ الزَّلاَّت، بِحَسَبِ غِنَى نِعْمَتِهِ، الَّتي أَفَاضَهَا عَلَيْنَا في كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْم؛ وقَدْ عَرَّفَنَا سِرَّ مَشِيئَتِهِ، بِحَسَبِ رِضَاهُ الَّذي سَبَقَ فَجَعَلَهُ في الـمَسِيح،… وفيهِ أَيْضًا اخْتَارَنَا مِيرَاثًا لَهُ،… وفيهِ أَنْتُم أَيْضًا، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُم كَلِمَةَ الـحَقِّ، أَي إِنْجِيلَ خَلاصِكُم، وآمَنْتُم، خُتِمْتُمْ بِالرُّوحِ القُدُسِ الـمَوعُودِ بِهِ،وهُوَ عُربُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ شَعْبِهِ الَّذي اقْتَنَاه، ولِمَدْحِ مَجْدِهِ.”
هذا يقودنا إلى ضرورة فحص ذواتنا على ضوء الأسئلة التالية:
• هل أنا قادرٌ على تمييز ما أغدق به الله عليّ من البركات: في حياتي، في صحّتي، في عائلتي، في بيتي، في عملي،… ف يعلاقاتي مع الناس، في صلاتي،…؟
• هل أبادل الله بالأمانة لما أوصاني به في الوصايا وفي الكتاب المقدّس؟
• هل أتّخذ القداسة فعلاً كمشروع حياة أرضيّة تمهيداً للحياة الأبديّة؟
لنسجد سويّة، أحبائي، أمام مهد المخلّص، سائلينه أن يغدق علينا “كلّ حكمة ومعرفة” فنتمكّن من تمييز نعمة بركته “الروحيّة” وسط كلّ التجارب والمحن التي نتخبّط بها فنبقى أمناء لدعوتنا إلى القداسة وإلى البنوّة الإلهيّة “بالتبنّي ” فنمدح مجده ونرفع إليه كلّ شكرٍ، مع أبيه وروحه القدّوس، الآن وإلى الأبد، آمين.