للاب هاني باخوم
روما، الخميس 24 يونيو 2010 (Zenit.org) –”ورأيت بين العَرشِ والاحياءِ …حَمَلاً قائماً كأنه مذبوح” (رؤ 5: 6). هذا ما رآه يوحنا في السماء بين عرشِ الآب والأحياء: حمل قائم وكأنه مذبوح. غريبة تلك الرؤية! يوحنا يرى حملا؛ حمل قائم: اي منتصب، واقف ولكن في نفس الوقت كأنه مذبوح! اي ان الحمل بالرغم من انه قائم يبدو مذبوحا او بالرغم من انه مذبوح هو قائم ومنتصب! من هو هذا الحمل؟ وكيف يكون مذبوحاً وفي نفس الوقت قائماً؟
سفر الرؤيا هو سفر الالهام والوحي؛ يعتقد الكثير ان كلمة رؤيا تعني كشف ما سيتم في المستقبل، تنبؤ لشيء ما. لكن سفر الرؤيا يحمل معنى أخر واهم: هو كشف معنى ما يتم الآن؛ إظهار معنى احداث اليوم؛ لذا فهو رؤيا، لانه يرى الواقع ويفسره على نور الرب. يرى ما لا يراه الآخرين ويعلنه. يرى مشروع الرب ويلهمه لمن يؤمن به. وماذا يرى سفر الرؤيا عن المسيح اليوم؟ من هو الذي بدأ يتبعه العديد من الناس ويؤمنون باسمه؟ يقول: هذا هو ربكم، هذا هو المسيح؛ حمل قائم وكأنه مذبوح!
أشعيا النبي يقول عن خادم الله المتألم والذي هو صورة للمسيح انه: “عوُمل بقسوة فتواضع ولم يفتح فاهُ كحمل سيق الى الذبح” (اش 53: 7). هذا هو المسيح: حمل سيق الى الذبح بسبب خطايانا، حمل مِثل حمل سفر الخروج الذي يُقدّم كذبيحة كفارة عن جميع خطايا الشعب (خر 12: 3- 6). حمل مذبوح لكن الله اقامه علامة لتبريرنا (رو 4: 25)، علامة لتبرير كل من يؤمن به. هذا هو المسيح: حمل مات مذبوحاً وقام.
هو الان قائم، حي بالسماء، يملُك للأبد، لكنه مازال يحمل علامات الذبح، علامات الموت. قائم لكنه ليس بلا جروح، بل من يراه يعتقد انه مازال مذبوحا لكنه قائم. اي ان القيامة لم تمحِ علامات الموت؛ شكله مذبوح لكنه قائم.
هذا هو المسيح الذي يقدمه يوحنا الى المؤمنين كعلامة وتفسير لحياة كل مسيحي. فالمسيحي هو الشخص الذي يختبر الموت لكنه قائم. هو الذي يملك القيامة وسط الموت. ليس هو الشخص الذي لن يتعرض للموت من بعد، ليس هو الشخص الذي لن يتألم من بعد؛ لا! قيامة المسيح لم تمحِ الالام، لم تنزع الموت ولم تنهيه، لكنها انتزعت منه شوكته؛ فيكون المسيحي شخص قد يتعرض للموت الجسدي او الموت اليومي من ضيق، مرض، الم، اضطهاد، ظلم او من اي شيء يمنعه ان يكون سعيدا، لكنه في كل هذا هو قائم منتصب.
الحمل المذبوح قائم. نعم! المسيح المذبوح قائم وهو خبر مفرح لكل انسان؛ لكل من يخاف ان يدخل في واقعه واحداث حياته المُميتة، فيهرب منها بأي وسيلة كانت: خطيئة، عادات، افكار، معتقدات، مثاليات….لكن الحمل قائم كأنه مذبوح! هذا هو الاعلان المسيحي؛ محتوى التبشير. اي ان المسيحي الذي اتحد بموت وقيامة المسيح يستطيع ان يتلقى تلك الطبيعة الجديدة والتي تمكنه ان يكون قائما وسط الموت؛ ان يكون حيا مع انه مذبوح! يبدو وكأنه تناقض، يبدو وكانه تلاعب بالكلمات، يبدو وكانه حماقة. نعم انه لحماقة! لكن الرب اراد ان يخلص العالم من خلال حماقة التبشير كما يقول بولس الرسول: “لان الحماقة من الله اكثر حكمة من الناس” (1 قور 1: 21- 25).
فطوبى لمن يؤمن بهذا ويختبره؛ يختبر في حياته ان الحمل قائم كأنه مذبوح!
أيام مباركة.