تطبيقات عملية: دور الكنيسة البيتية

خواطر كنسية (10)

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان،  الخميس 7 أكتوبر 2010 (Zenit.org). – يمكننا أن نلخص ما قلناه في معرض هذه الدراسة بالقول: إن الكنيسة تربي على الإيمان عندما تجعل المسيح يولد من قلب المؤمنين. إنها ولادة يجب على كل مسيحي أن يعيشها، وذلك من خلال قيامه بـ “عمل الله” (راجع يو 6، 29) الذي هو الإيمان بيسوع المسيح وتتميم إرادة الله التي يلخصها القديس بولس بهذا الشكل: “إن الله يريد أن ينال الخلاص جميعُ البشر وأن يصلوا إلى معرفة الحقيقة” (1 تيم 2، 4). ألا يقول يسوع أن من يفعل إرادة أبيه السماوي يلده هو بالذات؟ (راجع مت 12، 50). بالمفهوم عينه يقول القديس أغسطينوس: “من يفعل إرادة الآب، يضحي روحيًا أم المسيح” (Quia voluntatem Patris faciunt, Christi spiritaliter matres sunt).

ولكن كيف يتم هذا الأمر عمليًا؟ – بالطبع لا يمكن لجوابنا أن يكون تركبية حسابية تشرح بالتفاصيل كيف يتم هذا الأمر، فالحياة الروحية شأنها شأن كل الأمور التي تتعلق بالوجود الشخصاني، لا تخضع لقوانين محددة بل تتبع ديمانية الحرية التي لا يمكن حصرها وسبرها. ولكن، بالرغم من ذلك، فهناك بعض المقايضات الرابحة التي نستطيع أن نركز انتباهنا عليها لخير المؤمنين والكنيسة. سنتوقف في هذا القسم من المقالة على واحدة منها هي، في نظرنا، الركيزة الأهم لدور الكنيسة التربوي: الكنيسة البيتية.

عادة يتعلم الإنسان لغة بشكل جيد عندما يتعلمها في طفولته. ولذا فتعليم الكنيسة يتحدث عن العائلة فسميها “الكنيسة البيتية” (1). هذه الكنيسة البيتية هي الأرضية الأولى التي يتلقى فيها الإنسان بذر كلمة الله، هذه الكلمة تنمو في قلبه وصولاً إلى ملء نضج الإيمان بالرب. التربية ليست مسألة سحر أو حظ، التربية هي عملية بطيئة، متعبة بعض الشيء، ومحفوفة بالمفاجئات والمخاطر. مرات كثيرة نشعر أن ما زرعناه قد مات وفني، ولكن غالبًا ما يحصد الإنسان ما قد زرعه.

يقول اللاهوتي هانس أورس فون بالتازار أن الإنسان عندما يولد يعيش في حالة هي شبه نباتية، وحيوانية. يأكل، يشرب، ينام… الفعل الإنسان الأول الذي يقوم به هو عندما يبادل بسمة أمه ببسمة مماثلة تشكل خاصية بشريته. هذا هو أول فعل شخصاني. وهذا الفعل له تأثيره الكبير على الصورة التي نكونها عن الله في مخيلتنا. شئنا أم أبينا، كأهل نحن الصورة الأولى لله التي تنطبع في ضمائر ومخيلات أولادنا. يا لها من مسؤولية! والثقة التي يشعر بها الطفل تجاه والديه هي مقدمة الإيمان الديني إلى حد ما. في هذا الصدد يقول الكاردينال كارلو ماريا مارتيني كلمات صائبة وواضحة: “يشعر الأهل أن هذه الثقة الغرائزية التي يعيشها صغارهم تجاههم هي حاملة لمسؤولية كبيرة. فهذه الثقة في الحياة هي مهمة لدرجة أنها تستطيع أن تكون الدرجة الأولى في السلم الذي يقود نحو الإيمان الديني الأصيل. ويشكل خاص الإيمان المسيحي الذي يحتاج إلى إيمان وثقة لا تختلفان عن الإيمان والثقة الضرورين لعيش الحياة البشرية” (2)

——

(1) راجع نصوص المجمع الفاتيكاني الثاني: نور الأمم، 16 و النشاط الرسولي، 11؛ هذا ويتحدث يوحنا بولس الثاني عن “الكنيسة البيتية أكثر من 10 مرات في الإرشاد الرسولي “شؤون العائلة”. كما ويتطرق إليها تعليم الكنيسة الكاثوليكية في الأعداد 1655 و 1656.

(2)  C.M. Martini, «Le madri violente e la cultura della vita» in Corriere della Sera, 27-06-2010.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير