بقلم الأب سميح رعد

بروكسل، السبت 16 أكتوبر 2010 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي تأملاً في إنجيل الأحد الرابع بعد الصليب بحسب الطقس الملكي الكاثوليكي.

* * *

        1. خرج الزارع ليزرع

        بينما كان الزارع ينثر الحبوب، سقط البعض منها على جانب الطريق. فأتت الطيور وأكلتها. فشل تام!

        وقعت حبات أخريات في أرض صخرية حيث لا يوجد تربة خصبة، فرَّخت، فبما أنها لم تستطع أن تغرس جذورها في التراب بشكل جيد، ذبلت ووقعت. فشل آخر!

        سقطت بعض الحبات بين الأشواك، غير أن هذه الأشواك نمت وخنقت الحبات. فشل من جديد!

        ثلاث محاولات فاشلات، مما يبعث على الإحباط!

        لكن أخيرًا، بعض الحبات وقعت في الأرض الصالحة فأفرخت وأثمرت.

        2. يسوع عاش هذا المثل في حياته:

        نرى، من خلال هذا النص، صورًا من حياة المسيح نفسه. فبعض الطيور أكلت شيئًا من حبات-كلمات المسيح، كما أحرقت الشمس بعضًا من زرعه، وغلبت الأشواك البعض الثالث.

        كما نرى المسيح بذاته تعرَّض لسلسة من خيبات الأمل. فالفريسون قرَّروا مثلاً التخلص منه، وبعض من المسؤولين قرَّروا الوقوف على الحياد.

        أراد المسيح أن يقول لتلاميذه من خلال هذا المثل: "استمروا! قووا ثقتكم إذا ما خضعتم للاختبار والتجربة! إنَّ مشروع محبة الله سوف يتحقَّق رغم كل النكسات، وكلامي لن يعود بدون نتيجة. نعم، كلامي فعَّال."

        هنا نستذكر قول النبي أشعيا: "إنَّ أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي، يقول الرب. لأنه كما ينزل المطر والثلج من السماء ولا يرجعان إلى هناك بل يرويان الأرض، ويجعلانها تلد وتعطي زرعًا وخبزًا للأكل، هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي، لا ترجع إليَّ فارغة بل تعمل ما سررت به، وتنجح فيما أرسلتها له." (أشعيا 5: 9 – 12).

        3. كلام للحياة

        كتب القديس غوريغوريوس الكبير في شرح هذا المثل: "إنّ أعمالنا الصالحة قد تصبح ذات قيمة كبيرة إن تحمّلنا بصبر... ولنعلمنَّ جيدًا  أنه كلّما اقتربنا نحو الكمال، كّلما اضطررنا إلى تحمّل المزيد من المحن؛ حين تتخلّى روحنا عن محبّة العالم الحاضر، يزداد عداء هذا العالم تجاهنا. لذا، نرى أشخاصًا كثيرين يرزحون تحت أثقالهم (متى11: 28)، فيما تكون أعمالهم صالحة... لكنهم، ووفقًا لكلام يسوع المسيح، "يحملون ثمار المثابرة" من خلال تحمّل هذه المحن بتواضع، بحيث أنهم سيُدعون للدخول إلى سلام السماء، بعد هذه المعاناة كلّها."

        ونحن في حياتنا اليوم، مدعوون أن نسمع كلمة الله ونعمل بها (متى 7، 24)، وألا نكون كجانب الطريق، كالذي يسمع كلمة الله دون أن يفهمها، ولا أن نكون هذه الأرض الصخرية كالرجل الذي بدون جذور أو "رجل ابن اللحظة"، مدعوون ألا نكون هذه الأرض المليئة بالأشواك التي تختنق بمفاتن العالم وإغراء الثروات. لكن لنكن أرضًا طيبة نفهم كلام الله ونجعله يثمر فينا ثمرًا طيبًا.