بقلم المونسنيور بيوس قاشا
الفاتيكان، الأربعاء 13 أكتوبر 2010 (Zenit.org). – نصلّي… نضيء الشموع … ندعو… نصوم … نمضي الليل كله في الصلاة لأجلكم ( يو 15:6) نناجي ربّ السماء لأجلكم يا أساقفتنا الأجلاء ولأجل نجاح جمعيتكم ومسيرة أعمالها …. فنحن معـكم قلبٌ واحد ونفسٌ واحدة ( أع 32:4).وأعلموا إنّ الذي دعاكم هو صادق ، والذي ارسلكم هو صادق ( يو 28:7)
رجاءً ياآباء السينودس المقدس إنّ موهبة الروح القدس معكم في قول الحقيقة دون خوف، ليشاطركم الحاضرون شجاعتكم فالروح القدس يتكلّم فيكم لخير كنيسته وشعبه إذ “لستم أنتم المتكلمين…” ( متى 20:10 ).
اشرحوا للأساقفة الذين حولكم، وأوصلوا الخبر اليقين لصخرة الكنيسة ، الأب الأقدس ، فهو المسيح على أرضنا ، الذي يصغي إليكم ساعة حديثكم، لتكونوا شهودَ الحق… لا تخافوا، فالحق يحرركم… ولا تقولوا ما تشتهون،وما يطيب لكم او لعاطفتكم او للذين من حولكم بل احكوا قصة إيمان شعبكم ومسيرة حياته،وأنتم تنظرون الى خشبة المصلوب فأنتم في خيمة الروح تتكلمون، وهو الذي سبق فهيأ لكم سبيلاً للخلاص، ورسم لكم ولنا الطريق والحق والحياة (يو 6:14 ).ومنحكم روح العنصرة لتعنصروا اهدافكم واقوالكم ، فالساعة هي الآن ، فأشهدوا والشهادة هي الراية إذ قال ” من شهد لي أمام الناس أشهد له أمام أبي الذي في السموات ، ومن أنكرني أمام الناس أنكره أمام أبي الذي في السموات ” (متى 32:10-33) ، وأعلموا أنّ قداسة البابا بندكتس السادس عشر قد وضع يده على جرح وحالة المسيحيين في الشرق وشخصت روما جيدا مصاعب المسيحيين .. وما حاجاتهم إلا إلى إعلاء نداء السلام في الارض المقدسة وفي المشرق باكمله وفي طابع العيش المسكوني (المتذبذب) في مشرقنا وقبول الاخر وما عظمة نور الشرق الذي يجب أن لا ينطفأ مهما صَعُبَت مسيرة الزمن .
نرجو أن لا تحملوا حقـائبكم ولا يوجد في داخـلها ما تُطعمون به الجياع، ولو سمكتين وخمس خبزات( يوحنا 6) … فالشعب جائع إلى الإيمان،عطشان إلى الينبوع الحي ، إلى السجين في غابة الحياة ، وما أكثر الابرياء الذين يقعون بحد السيف ، بسبب أفواه المفترسين ، مفترسي المقدسات ، إلى مَن يريه الطريق للوصول إلى الشجرة المثمرة، ليقطف ثماراً تليق بالحياة المسيحية والشهادة والاستشهاد “فأنتم الشجرة الصالحة” ( لو 43:6)، إذا ما وزّعتم خبزاتكم لجياع الإيمان.
سنحمل قلوبنا معكم، وسنصغي إلى أحاديثكم ومناقشاتكم من أجل بناء مسيحيتنا… فكونوا أمناء لسيدكم، ولكلمته بشارة الحياة ، فأنتم الوكيل الأمين الذي يقيمه سيده على ماله ( لو 42:12) في حينه.وما لكم ، وغناكم بالمسيح ، وبصلاتكم ، فهل تعلمون انه كان يقضي الليل كله في الصلاة .
اساقفتنا الأجلاء لا نتباكى من أجل الدنيا ( لو 24:18) وإنْ كانت الحياة الزمنية هبة السماء. ولكن أرونا الطريق السديدة في عالم اليوم أنْ كيف نكتشف المسيح ونعيد بشارة ذواتنا. فالكثير يسرق أولادنا بما لهم وبما لديهم، ومن المؤكد تعلمون ذلك ولعلّنا انتم ونحن أضعنا مفتاح السبيل إلى كنوز الرب الذي يقول:”اكنزوا لكم كنوزاً في السماء…”. فبإمكانكم أن تعودوا إلينا ومعكم مفاتيح صخرتنا لنعيد إلى بشارتنا بهاءها وزهوها عبر عيشنا لكلمة الحياة، وشهادتنا لمسيرة الزمن بين أخوة كثيرين، وبين الذين باعوا الحقيقة لغايات شريرة ، فنكون بذلك ،أنتم ونحن ، في رحمة ” المحبة والحقيقة ” ( يو 34:13).فنوزع ما نملك على جياع الايمان وعطاش الروح ومرضى القلوب وسجناء الحق وعراة البراءة ومحبوسي الحياة ، حينها سوف لن نحمل انتم ونحن كيساً للطريق ولا مزوداً فنقول ببساطة الكلام، نرجو أن لا تخرجوا من جمعيتكم كما دخلتموها، ولا تعودوا إلى أوطانكم كما رحلتم عنها، فأنتم في حضرة المسيح _ بطرس الصخرة _ قداسة البابا بندكتس السادس عشر. من المؤكد سيحمّلكم، ليس السلام والتحية فقط، بل بركاته ونِعَم يسوع المسيح المخلّص، وهو سيقول لكم:”اذهبوا وعلّموا شعوبكم”، وليس “ثقّفوهم”، “اذهبوا وعلّموهم جميع ما أوصيتكم به” ( متى 20:28) … فالتعليم هو حب الإيمان وعيشه ، والثقافة هي حب الإطلاع ليس إلا … فحين تطأ أقدامكم أرض أبرشياتكم، ارفعوا يمينكم وباركونا، كما رفع اسحق يمينه وبارك يعقوب (تك 27:27)، فتحلّ بركات البكورية على رسالتنا الإنسانية.وبركاتكم هي حب قلوبكم قبل ابتسامة وجوهكم ولا شيء آخر ، ويعطكم الله من ندى السماء ومن دسم الأرض ( تك 28:20) .
اصغوا جيداً إلى ما يقوله الروح في إخوتكم… سيتكلّمون عنّا وعن معاناتنا، ولا تكونوا غرباء عمّا يقولوه… سيتكلّمون عن عظمة أوطاننا وشهدائنا الذين قُتلوا أيام العصملي وحتى اللحظة… فالعراق بلدكم جريح ولا يحتاج الى من يتأوه ويتحسر بل الى من يحب ويضحي ويستشهد ويشهد .. أرجو أن لا يكون سفك دمائهم من أجلنا تأوّهات فيزيقية، بل عِبَر تقودكم إلى أخذ القرار الأكيد في أن لا نكون دائماً حَمَلاً لإبراهيم، بل حاملين لرسالة الخلاص ليسوع المسيح حتى أقاصي الأرض ولجميع الشعوب، كي لا يفرضوا علينا تعاليمهم وآياتهم، وهم اليوم يريدوننا ان نتعلم منهم كتبنا وايماننا وإذا خالفناهم في الرأي أو في قول الحق قالوا لنا انتم تستحقون الموت والتهجير، وهل تعلمون في هذا أننا نحيا إنجيلنا وبشارتنا… فمخلّصنا يقول:”لا تخافوا مِمَّن يقتل الجسد…” ( متى 28:10).وفي هذا يتحقق ما قاله إنه ذاهب ليعدّ لكم ولنا مقاماً ( يو 2:14) ، بعد أن يطرد سيد هذا العالم إلى الخارج ( يو 31:12) .
بعد عودت
كم أعلنوا أننا كنّا ، والسينودس جدَّدَ الدعوة في أن تعلنوا دائما أن المسيحية تقبل الأخر ليس للعيش معه فقط بل لتقاسمه الحياة .. فكل البشر أخوتنا وسنمدُّ ايادينا ما دمنا احياء وفي ذلك نفتح طريقا جديدة للحوار والبناء في كرامة وأنسانية وحقيقة الحياة ، وحق الكلمة ، فلا صغير ولا كبير ، ولا أغلبية أو أقليّة .. كلنا من طينة واحدة وما خلقه الخالق ماهو إلا حسن . كما أعلنوا في قبولنا للآخر ، أننا أصلاء في اوطاننا وأمناء لها ولسنا مستورَدين أو طابوراً يُمنح رقما كما يشاؤون بل نحن أخوة في الأنسانية وأبناء وطن الجميع فالارض ملك الكل وما نحن إلا فلاحو البسيطة لزرعها وقطف ثمارها . سنبقى نحب كنيستنا رغم ضعفنا فبالمسيح نرى النور ونجد الطريق ونسير من اجل الحياة ، كما سنحب رؤوساءنا مهما كان الزمن عاتياً علينا ، ونحب أرضنا مهما أبعدونا عنها غصباً ، فكل شيء زائل إلا الحياة الأبدية .
أخيراً كنتُ أتمنى أن أكون من الجالسين عند أقدام قداسته ، وعلى عتبة الدار حيث المجتمعين ، لعلني أتَعَنصرْ ، لأكون حاضرا جسداً وقلباً إلى ما يقال وما يحصل، كقول الرب:”وكان الجمع كله يأتي ليتسمع إليه” ( متى 7: 28-29) ولكن للزمن حقوق وعلينا واجباتنا وللمسيرة أهدافها، فكل شيء حَسَن، ” (تك 25:1)… نعم، هو حَسَن. لأن كل شيء منه وبه إليه فليكن اسم الرب مباركا ً ( روم 36:11) .وهذا هو السينودس ، إنه عنصرة ، عنصرة إيماننا ليس إلا .