التربية على الحرية
روما، الثلاثاء 19 أكتوبر 2010 (Zenit.org). – لتربيةُ التى أساسُها الحريةِ خطوةٌ أساسية للتعايش.فى المجتمعِ المتعددِ الأديان
فليس هناك تعايشاً بين الفئاتِ المختلفة فى المجتمعِ دون أن يتمتعَ الفرد من كل فئة بحريته الذاتية، ويؤمن كلُ فردٍ من كلِ فئةٍ بحريةِ الأخر وتقتنع بأن حريتَه من حريةِ الأخر” وهذا يتطلب سعيٌ وجدٌ وحكمة.
سعيٌ فى أن نربيَ الأجيالَ الصاعدةَ على مبدِأ إحترامِ الآخر, إحترامِ عقيدتِه, وإيمانِه, والعمل معاً حول ما يمكن أن يجمعَ من مبادئِ وقيم انسانية سعيًا نحو الدخول بالمجتمع نحو تحقيق المدنية الأنساني
هذه المسيرة تتطلب الدخول بالتربيةِ إلى تنشئة جيلٍ مسؤول عن الأخرين, ويقبل بمسئولية الأخرين عنه، جيلٍ يقبل التواصل مع الآخر ليكون شريكاً له فى بناء وصياغة مستقبل المجتمعِ الذى يحيا فيه, والمكّون من أفراد مختلفين يتحملوا المسؤولية معاً فى بناء الجسورِ بدل الجدران
من هذا المنطلق نحن نطالب بخطابٍ إنساني ديني جديد وخطاب تعليمي جديد فى مؤسساتنا التربوية. يدعو إلى الأنفتاح على الآخر. وتربية النشئ على أن غايةَ جميعَ الأديان بالمرتبة الأولى هى الأنسانُ خليقةَ الله. على صورتهِ ومثالهِ وخلقه, فمن لا يحترم الخليقة لا يحترم الخالق
إن الأديانَ كلهَا تسعى لخدمة الإنسان وإرشاده إلى الطريقِ القويم فى ممارسةِ الفضيلةِ ومكارمِ الأخلاق, والنهي عن المنكر, والشر, والأثم, والخطيئة بواسطةِ التعاليمِ الدينية, وهذا يتم فى حياتِنا المسيحية من خلالِ وصية واحدة هى “المحبة” (أحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم) ويفصّل يسوع ذلك من خلال موعظة الجبل (مت: 5, 6, 7) فمن خلالها يعطينا منهجاً لحيِاتنا المسيحية وعلاقتِنا مع الآخرين وخاصة الفقيرِ, والمسكينِ, والجائعِ, والعطشانِ, والعريانِ, والمريضِ, والسجين, والأسير كما أوضح ذلك مثل الدينونة العامه .
فالمحبةِ التى نظهرها للآخر لأى إنسان ولكل إنسان دليل على محبتنا لله فإن قال أحدٌ أني أحب الله وهو يبغض أخاه فهو كاذب.
فى الأسلامِ كذلك ينادى كبار الفقهاء والمفتين بأن الإسلامَ يسعى دوماً إلى السهر على إقامةِ علاقة الإنسان بأخيه الأنسان من خلالِ التعاون فى الحياةِ العامةِ والسلم العام ففى الإسلام :
“الدين المعاملة”
نحن فى جمهوريةِ مصرَ العربية نسعى إلى تربيةِ النشئ من خلال 168 مدرسة كاثوليكية تستقبل التلاميذ مسيحيين ومسلمين وهى تسعى جميعًا وتسلط الضوء على أن المسيحية والإسلام يجعلان الإنسان مكتملاً فى إيمانِه وعلاقِته بالله بقدر ما هو منفتحٌ على الآخرِ محترماً لعقيدته .
أصحاب السادة والنيافه
وحتى لا تغدو كلماتُنا مجرد شعارات ولا سيما أننا نواجه اليوم ثقافَة الموتِ والوحدةِ واليأس، لابد أن تكون مؤسساتُنا الكاثوليكية شهود للحياة التى ندافع عنها, والتى تحمي الإنسان منذ الحمل به إلى يوم وفاته الطبيعية وفى هذا الإطار نقدم لكم بعض التوصيات لتفعيل دور مؤسساتِنا الكاثوليكية التعليمية .
حتميةُ تجاوبُ مؤسساتِنا التربوية الكاثوليكية فى العالم العربى مع المؤسساتِ الثقافية والفكرية فى الداخلِ والخارجِ التى تحث على العيشِ المشترك والوعي الحضاري والثقافي بحيث لا تصبح مؤسساتُنا التربوية الكاثوليكية جزر منعزلة.
العودةُ إلى التوازنِ في مؤسساتِنا التربوية الكاثوليكية بين الجانبين الأكاديمي والروحي وخصوصاً بعد أن طغى التعليم العلماني على الديني.
أختيار عناصر مسيحية كاثوليكية من أبنائنا والقيام بدوراتِ تأهيل لإعداد كوادر قيادية جديدة.
العمل على تأسيس مراكز خاصة لإرشاد الأسر وخاصة حديثي الزواج فالعائلةِ السليمة هي منطلق الدعوات الكهنوتية, والرهبانية, والعلمانية الفاعلة والمثمرة.
ولأن التربيةَ بشقيها الأكاديمي والروحي هي عملية غاية في الأهمية نحو بناء أجيال مسيحية كاثوليكية تقود منعطفات حياة الكنيسة والمجتمع معاً, فليس أقل من المناداة بالدعوة إلى عقد سينودس دوري عربي عام لمجلس بطاركة الشرق الأوسط, وبحضور جميع رؤساء الأساقفة ورؤساء الأديار ومندوبي الكرسي الرسولي من كل بلدٍ عربي لبحث هذه الإشكالية المصيرية وكيفية التعامل مع عملية بناء أجيال مسيحية كاثوليكية تعيش بمحبة وأنفتاح على مجتمع غالبيته من المسلمين في ضوء تطورات وتحركات المجتمعات السريعة جداً في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.