العائلة: ركيزة مستقبل الكنيسة

خواطر كنسية (11)

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان،  الاثنين 25 أكتوبر 2010 (Zenit.org). – تتألف الكنيسة الجامعة من عدد كبير جدًا من الكنائس الخاصة، وهذه الكنائس الخاصة أو المحلية تتألف مع العديد من الكنائس البيتية، أي من العائلات. يمكننا أن نقول أن الكنيسة تتألف من العائلات، والعائلات بدورها تُحفظ في صُلب الكنيسة. نعيش اليوم في عالم لم يعد فيه الإيمان الديني خبزًا يوميًا، بل خيارًا فرديًا. وغالبًا ما يتعرض المؤمن، وبشكل خاص في الغرب، إلى التهميش فقط بسبب انتمائه الديني ومجاهرته به. في إطار من هذا النوع حيث “القوانين المعادية للدين تسعى أيضًا لحظر التربية الدينية، وحيث يجعل عدم الإيمان المتفشي والعلمنة السائدة النموَ الديني واقعًا صعبًا، يبقى ما نستطيع تسميته ‘الكنيسة البيتية‘ البيئة الوحيدة، حيث يستطيع الأطفال والشباب أن ينالوا تعليمًا أصيلاً” (1).

يبقى العلمانيون عادة مستخدمين، أو زبائن أو مستهلكين لخدمات الكنيسة، وقلما يضحون روادًا فاعلين في حياتها. الجماعة المسيحية لا تستطيع أن تمضي قدمًا بهذا الشكل. يمكننا أن نرى في أزمة الدعوات الحالية – إلى جانب طابعها المتأزم الذي يجب أن نجد له حلاً وعلاجًا – دعوة إلى إعادة تقييم دور العلمانيين الذي بقي لعصور منفيًا في هوامش وضواحي الحياة الكنسية. كما أن الجسد لا يستطيع أن يبقى حيًا فقط بفضل بعض أعضائه، بل من خلال تعاون سائر الأعضاء، وكما أن شعب أمة ما لا يستطيع أن يستمر إذا عُني بمصيره فقط قلة من المسؤولين، فكذلك الكنيسة: إذا لم يُعنى كل المسيحيون بمصير الكنيسة كشعب الله وبذار الملكوت، لا بد أن يترتب على هذا الموقف الإرجائي انحطاط كبير.

فليُسمح لي أن أقدم في هذا الصدد خبرة شخصية. لقد طُلب إلي العام الماضي في رعيتي الإيطالية أن أُعنى بتلقين التعليم المسيحي للأطفال الذين يستعدون للمناولة الأولى، ونظرًا لعدم توفر من يقوم بهذا العمل قبلت. لم يكن للخبرة إلا أن ثبتتني بقناعاتي وهي التالية: التعليم المسيحي للأطفال ضروري، ولكن يجب أن يسير يدًا بيد مع تنشئة للراشدين. فالطفل الذي ليس مسيحيًا في البيت لا يستطيع أن يكون مسيحيًا في العالم (هناك استثناءات طبعًا، ولكن لا يمكننا أن “نجرب الله” دومًا!). حياة مسيحية تُبنى على ساعة في الأسبوع لا يُكتب لها عمرٌ طويل (وأستعمل عمدًا لغة القدرية مع أني لا أؤمن بها!). إن مسيحية لا تضحي يومية لن يبقى فيها ما يكفي من المسيحيين لكي يعيشوا مسيحية الآحاد والأعياد. لذلك، خلاصة القصة، هي أن على الكنيسة وعلى المربين في الكنيسة أن يكرسوا اهتمامًا خاصًا لتنشئة الراشدين، لتنشئة العائلات وتربيتها على دورها. العائلة هي مستقبل الكنيسة.

Giovanni Paolo II, Catechesi Tradendae 68

(يتبع)

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير