بقلم الأب جان بول خوري
بيروت، الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 (ZENIT.org). – سلام ونعمة من لدن الرب يسوع، إخواتي وإخوتي المؤمنين، نستهل في تقديم سلسلة الحقيقة الصعبة المحررة، من أجل عيش رجاء واع وإيمان واثق ومحبة بلا رياء، والهدف، عيش إنجيل يسوع المسيح. واليوم نقدم لكم موضوعنا الرياء في الصلاة، حيث سيدور كلامنا، بشكل تحديد في الآية الخامسة من الفصل السادس لإنجيل متى الرسول. حيث سنبرهن أن المنافق في صميم جوهره ملحد الى أقصى الحدود، وما الصلاة بالنسبة له سوى وسيلة لكسب التأييد والشهرة.
1) صلاة المرائين (آية5) : إن المراء-المنافق لا يمت الى الحياة الروحية بأي صلة. إنه يدّعي الروحيات، ويتستر من خلال التقويات، ولاسيما الصلاة. لأن منطقه جسدي- ترابي أرضي ، يسلك سبيل الجسد لا سبيل الروح " لأن الجسد يشتهي ما يخالف الروح، والروح يشتهي ما يخالف الجسد: كلاهما يقاوم الآخر إنكم تعملون ما لا تريدون. ولكن إذا كان الروح يقودكم، فلستم في حكم الشريعة" ( غل 5: 17- 18. صلاته لا تنبع من القلب، بل فقط من اللسان " لأن قلبه بعيد عن الرب"، ومضمون تقواه حبّ الأنا المفّرط. لذلك يستعمل الصلاة الجماعية كمسرح يعرض من خلالها، أناه، فصرخته وتضرعه، وطلبه، أن يكون بارزاً وسط الإجتماعات الدينية. والإلحاح المتعمّد في ذلك، تغطية نفاقه وأحابيله ومشروعاته الشريرة الموجهة نحو البار والمسكين، والأرملة، واليتيم. فهو مستعد في كل لحظة أن يغير وسائله وأهدافه، كما تقتضي الحاجة والظروف، إنه إنسان تعيس في إنسانيته، فقير روحيّاً، وأما إجتماعياً يشتري الصداقات بالمال!!! لا يعرف التواصل الإنساني البناء، لأنه لا يعرف أن يتواصل مع الله. لذلك يحذر يسوع تلاميذه من روح الرياء والنفاق في الصلاة. ان تصلي ليس بالأمر السهل، لأنك أنت في علاقة حيّة مع آخر مختلف عنك، هو الله الآب السماوي، الذي يعلم ما في القلوب. فالعلاقة معه تتطلب قوة إنفتاح وحب متجرّد من المنفعية وذهنية الحساب ( ماذا تعطيني لأعطيك). بإمكان المنافق أن يخدع البشر والمصلين لكنه لا يقدر ان يخدع الله النور الحقيقي الساكن في القلوب النقية" طوبى لأطهار القلوب فإنهم يشاهدون الله"(متى4: 8). فعندم يمتلىء القلب خبثاً ونجاسة، يتحول الى سكن للقتل والحقد والحسد، وبالتالي يفقد البصيرة الداخلية، ويتلهى في القشور، يقول أحد الآباء" إن خطيئة الكبرياء تعمي صاحبها إذ تحجبه عن السماويات لتغرقه في الأرضيات (قول3: 2)، فاهربوا منها لئلا تميتكم عن الله". فيسوع يضع لنا قدرة التمييز لنميز ما بين المؤمن الذي يجعل من الصلاة لقاء حب وتغيير مع الله، وما بين المنافق الذي يجعل من الصلاة وسيلة لإظهار أنانيته، مستعملاً بذلك أحابيله ووسائله المنمّقة.
2) وسائل المنافق : 1)الإنتهازية والإدعاء بالقداسة،2) الإدعاء بالروحايات. فنان في إستعمال حركات جسده أثناء قيامه بالصلوات، ولاسيما أمام الناس. يحني رأسه- يركع- يتقصّد ذرف الدموع- يطأطىء رأسه عند سماع الوعظ، يتبجح في وضع المال في صينية الفقراء، الغاية من ذلك " لكي يراهم الناس"(متى5). يفضلون مجد الناس على مجد الرب يسوع، وتغدو الإجتماعات الليتورجية لهؤلاء مسرح يستعرضون من خلاله تقواهم الزائفة والبالية. هناك هوة عظيمة بين الإيمان وحياتهم الأخلاقية. طلاق جذري مع الله. وهذا ما يسمى الإلحاد! ربما تتعجب اخي القارىء من كلامي، نعم هؤلاء لا يعرفون الإيمان لا بل لا يهمهم إطلاقاً، ما يهمهم المحافظة على نفوذهم وصيتهم، وسلطتهم بين المؤمنين. إن الوضع الذي وصلنا إليه في هذا الشرق من إحباط، ربما لأن البعض من المؤمنين قد أعطوا ثقة مفرطة لأمثال هؤلاء، فكانت النتائج مزرية على الصعيد المسيحي، كيف يمكن أن يكون إنساناً نافذاً يدّعي الإيمان، نراه في مسلكياته وقراراته ملحداً لا بل يحارب ويضطهد الكنيسة؟
إذاً كيف ننعرف المؤمن الحقيقي في علاقته مع الله؟
الى الحلقة المقبلة
أستودعكم نعمة ورحمة الثالوث الأقدس. آمين.