قديسو العائلات القديسة

خواطر كنسية (12)

Share this Entry

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان،  الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 (Zenit.org). – إن مثال القديسين الكبار المعاصرين يثبتنا بأهمية دور العائلة في تنشئة وتربية القديسين: الأب بيو من بياترالشينا كان متعلقًا جدًا بوالديه وبالمثال الكبير الذي شكلاه في حياته، وقد قال في الأم “الأم هي أجمل شِعر الحياة”. ودون بوسكو، مؤسس الرهبان السالسيين ومربي الفتيان العظيم، لم يكن ليحقق ما حققه وليتمتع بالحس التربوي الذي تمتع به لولا أمه ورفيقة دربة “ماما مارغريتا”. لا ننسينّ القديس أغسطينوس الذي ولدته أمه مرتين، مرة أولى من حشاها ومرة ثانية من دموعها.

ولكن فلنتوقف الآن على شهاداتي امرأتين قديستين محبوبتين ومعاصرتين تقريبًا لنا هما القديسة تريز الطفل الطفل يسوع والوجه المقدس والطوباوية الأم تريزا من كالكوتا.

تكتب تريز الطفل يسوع إلى رئيستها (وأختها) بولين: “غالبًا ما كنت أسمع أن بولين ستصبح راهبة بالتأكيد، فكنت أفكر، دون أن أعرف ما معنى ذلك: “أنا أيضًا سأصبح راهبة”. تلك واحدة من ذكرياتي الأولى، ومنذئذ، لم أغيّر قصدي قط!… وكنت أنتِ، يا أمي العزيزة، التي اختارها يسوع لتخطبني له؛ لم تكوني إذ ذاك بالقرب مني، غير أن ارتباطًا كان قد تكوّن بين نفسينا… لقد كنتِ مثالي الأعلى، وكنت أودّ التشبه بك، ومثلك هو الذي جذبني إلى عريس العذراى منذ الثانية مع عمري…”.

هذه الكلمات تبين لنا عن أهمية دور العائلة. فالحس الديني لا يبدأ أولاً في الحاسة المنطقية بل في المخيلة والمصورة التي تنجذب إلى الجمال قبل أن تعي الحق وقبل أن تعرف أن تميّز الخير.

ونرى القديسة عينها تتحدث عن جاذبية قداسة أبيها فتقول: “حينما كان الواعظ يتكلم عن القديسة تريز، انعطف بابا إليّ، وقال لي همسًا: ‘اسمعي جيدًا ملكتي الصغيرة، فالكلام عن شفيعتك القديسة‘. فكنت أصغي بانتباه، ولكني كنت أنظر إلى بابا أكثر منه إلى الواعظ، إذ كان محياه الجميل يعلمني أمورًا كثيرة!… وكثيرًا ما كانت عيناه تغرورقان بالدموع، فيحاول عبثًا حبسها. وكان يبدو أنه لم يعد متعلقًا بهذه الأرض، بل كانت نفسه تحب الغوص في الحقائق الإلهية”.

ومرة أخرى كتبت عن أبيها الذي كان أمامها مثال قداسة حي، لا يحتاج إلى الكلام: “كان ينشد أنغامًا تملأ النفس بالأفكار العميقة… أو يهدهدنا  برفق ويسرد مقطوعات شعرية مشبعة بالحقائق الإلهية… وبعد ذلك، كنا نصعد لتلاوة الصلاة معًا، والملكة الصغيرة وحدها بجانب ملكها” وتختم تريز بهذه الكلمات التي ليتها تكون كلمات كل طفل عن أبيه وأمه: “حسبُها أن تنظر إليه لتعرف كيف يصلي القديسون”.

مثل آخر نجده في حياة الأم تريزا. تتحدث الطوباوية في إحدى كلماتها عن أمها فتقول: “نعم،  لقد كانت أمي امرأة قديسة. كانت تسعى لتربية أولادها على حب الله والقريب. كانت تقوم بكل جهد ممكن لكي تربينا متحدين بيسوع بالكلية. وكانت هي بالذات تهيئنا للمناولة الأولى. كانت أمنا تعلمنا أن نحب الله فوق كل الأشياء”.

وبالحديث عن العائلة بشكل عام كانت تقول: “كنا عائلة سعيدة جدًا. كنا متحدين كثيرًا، وخصوصًا بعد موت أبينا. كنا نعيش واحدنا لأجل الآخرين، وجل هم كل منا كان أن يُسعد باقي أعضاء العائلة. وبشكل خاص لا أنسى أمي. كانت دائمًا مهتمة ومشغولة كل النهار. وحتى عندما كان يحل المساء لم يكن عملها لينقص رغبة منها بأن تستقبل أبي أفضل استقبال. في ذلك الحين لم نكن نفهم. كنا نكتفي بالضحك عليها قليلًا، وأحيانًا كنا نداعبها ساخرين منها. أما الآن فأفهم الحنان الكبير الذي كانت تشعر به نحو أبي. مهما كانت تفعل، كانت دائمًا مستعدة لكي تستقبله بأكبر عاطفة”.

هذه الكلمات ما هي إلا القليل للشهادة على دور العائلة في نشأة القديسين. العائلة هي جنان القداسة، فيها يتجذر الإنجيل في قلوب الأبناء لكي يضحوا أبطال القداسة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير