الله محبة، إذًا الله ثالوث

الثالوث الأقدس الإله الواحد الحق (6)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ارتكز الكثير من اللاهوتيين والمتصوفين على تعليم القديس أغسطينوس بشأن الترابط بين المحبة والثالوث، وقد لمع في العصر الوسيط راهب اسمه ريكاردوس من دير سان فيكتور. وقد تأمل ريكاردوس بالثالوث الأقدس انطلاقًا من تشبيه الحب الشخصاني.

الحب بطبيعته هو واقع يدفع المرء للخروج من ذاته، هو نسيان للذات وانفتاح على الآخر.

لكي يكون هناك حب حقيقي، لا بد من أن يكون هناك آخر. ويجب على هذا الآخر أن يكون مساويًا بالكرامة، وإلا لما كان الحب حبًا، بل شفقة ورحمة.

هذا وإن أصالة هذا الحب تظهر من خلال خصبه وعدم سقوطه في فخ الانطواء على الثنائي. فالانطواء يطفي الحب بين الاثنين ويبين أن حبهما لم يكن كاملًا، بل “أنانية ثنائية” كما يقول عالم النفس أريك فروم. إن كمال الحب بين الأشخاص هو حب مساوٍ لهما يجمع بينهما.

يصعب علينا كبشر أن ندرك كيف أن الحب وهبة الذات لا يؤديان لإخلاء وإفراغ من يُحب. هذا الأمر يعود إلى محدودية خبرتنا للحب: فنحن نحب انطلاقًا من محدوديتنا وبالتالي يكون حبنا محدودًا مجتزئًا وكذلك وحدتنا بالمحبوب تكون محدودة. أما الله فهو يحب انطلاقًا من لا محدودية حبه، من قدرته اللامتناهية على الحب والعطاء، وعليه فحبه كامل ويولد وحدة كاملة.

هو الحب في الله الذي يجمع بين ما قد يبدو متناقضًا لأول وهلة أي التعدد والوحدة. في الله تعدد لأن المحبة تطلب التعدد ولكن الله واحد لأن المحبة تؤدي إلى وحدة. وبما أن محبة الله كاملة فوحدة الله كاملة.

الوحدة في الثالوث ليست مصيرًا لا محالة منه، هي فعل محبة، هي دينامية، هي حياة.

الله واحد ولكنه ليس مستوحشًا، الله ثالوث لكنه ليس “عائلة” آلهة. فالمحبة الكاملة هي وحدة كاملة أعمق بكثير من وحدة تنبع من الرقم واحد.

(يتبع)

من الممكن مراجعة القسم السابق من المقالة على هذا الرابط

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير