البابا الجديد من الأرجنتين؟ لقد ذهلنا، تعجبنا واندهشنا بالخبر. ولكن لم نلبث أن اعتدنا عليه، على ذلك الوجه البشوش، على تلك الروح المرحة، على قربه وتفهمه وواقعيته وحبه الكبير لنا. وها نحن اليوم ننتظر بفارغ الصبر أن نستمع لكلامه الواقعيّ والصحيح، كلام يغرّد في كل يوم، كلام البابا الذي يعتبر نفسه من الشعب وإلى الشعب.
وبما انه واحد منا، عاش بيننا ويعلم ما نعانيه فقد طلب منّا، وبالأخص من الشباب، ألا نبتعد عن الكنيسة التي تعتمد علينا، ولا يجب أن نكف عن الصلاة لكي تكون الكنيسة هي العائلة الحقيقيّة كما أرادها يسوع، وبالأخص بهذه السنة التي هي سنة الإيمان.
لا يملّ من ترداد أنه علينا العمل لنستحق ملكوت السموات، غير مبالين بالمال والماديات، بالجشع والأنانية. ولكي نتخطى كل هذه المساوئ نحو المحبة والتواضع، علينا أن نتخذ مريم العذراء مثالاً لنا، ونتكل على الله.
فقد قال بتغاريده: “الشباب الأعزاء، إن الكنيسة تنتظر منكم ومن سخائكم الكثير. فلا تيأسوا أبدًا واختاروا أهدافًا سامية. فلنطلب من الرب، في سنة الإيمان هذه، أن تصبح الكنيسة عائلةً حقيقيةً دائما أكثر، عائلة تحمل للجميع محبةَ الله. إن المنطق الدنيوي يدفعنا نحو النجاح، والتسلط، والمال؛ أما منطق الله فنحو التواضع، والخدمة، والمحبة. أحيانا نعرف ما يجب علينا فعله، لكننا نفتقد لشجاعة إتمامه. دعونا نتعلم من العذراء مريم المقدرةَ على اتخاذ القرار، متكلين على الله” .
منذ أن بدأ يخاطبنا، ولم يكف يوماً عن الإعادة بأن الله لا يملّ من المسامحة والغفران، بل علينا نحن ألا نملّ من طلب السماح منه عن الأخطاء التي اقترفناها. وإذا كان الله عظيماً لدرجة مسامحة وغفران جميع الخطايا، فكيف له ألا يقود خطانا، ويساعدنا على محبّة بعضنا البعض. ومن هنا عدم التبذير ورمي الطعام، بل علينا أن نفكّر بالفقراء والمحتاجين. إن التبذير والهدر يحزنان الله.
أرسل البابا فرنسيس تغاريد تقول: ” إن المسيح يقودنا للخروج دائما أكثر من ذواتنا، كي نمنح أنفسَنا للآخرين ونخدمهم. إن حماية الخليقة هي وصية من الله، لا فقط في بداية التاريخ، ولكن لكل واحد منا؛ إنها جزء من تدبيره. لقد دفعنا الاستهلاك لأن نتعوّد على الإهدار. إلا أن الطعام الذي يتم إهداره، هو مثل طعام منهوب من الفقراء والجياع!”.
إن من تعرّف على البابا فرنسيس عندما كان لا يزال خورخيه ماريو بيرغوليو، يعلم بأنه إنسان حقيقيّ وان ما يقوله ليس فقط كلام وتغاريد في الهواء، بل أمثولة تعلمها بين الفقراء المحتاجين المضطهدين والذين يبحثون عن وجه الله بيننا. لذلك يجب علينا أن نصغي ونعمل بالنصيحة، فالنصيحة التي نتلقاها من والدنا لا ثمن لها، أنها أغلى ما يمكن أن نحصل عليه في الحياة!