حدث يسوع المسيح يرتكز على ذاته ولا يمكن استنتاجه من الخارج

الوحي الإلهيّ .. كشف الله عن ذاته (3)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

لنقرأ ما ذكره المطران الدكتور يوسف توما الدومنيكاني في دراسته عن لاهوت الوحي الالهي- بغداد، يقول: إنّ حدث يسوع المسيح، بما أنه كاشف لا يعتمد على أساس خارج عن ذاته، وليس له من برهان سوى ما يعطيه هو . هذا الحدث، لا يمكن لأحد أن يستنتجه من الخارج، يُعطي للعقل إمكانيّات خاصّة به، وليست من الخارج، كلّ إنسان يشعر أنه معنيٌّ بهذا الحدث في أعماق كيانه.

ولهذا، علينا أن نقرأ تاريخ حياتنا، امتدادًا لتاريخ الشعب القديم، وتاريخ الأنبياء، كإستمرار دائم، ومسيرة العلاقة مع الله. وكلّ المطبّات والأخطاء والهفوات والخيانات التي تصيبنا اليوم، في زمننا الحديث، صورة للقديم . ولكن، قد تقولون، أن زمننا الحديث المعاصر ، أقلّ قبحًا وألمــًا من الزمن القديم ..! . لكن، كما نعرف، أن الألف سنة عند الله، هي كاليوم أو كالساعة أو الدقيقة، لا تذكر، وكلّ الأخطاء والزلاّت لا يذكرها الله، لانّ محبّته أعظم وأقوى من الخطيئة، فالله لا ينظر إلى الخطيئة بل إلى الخاطئ وكيف يتخلّص منها. العهد القديم هو صورة للإنسان القديم، والعهد الجديد صورة للإنسان الجديد. واليوم نحن فينا، في ذات الوقت، القديم والجديد مزروعان فينا، والجديد هو كالبذرة في طور النموّ والاكتمال .

أخيرًا وليس آخرًا، نقول صراحة ودفاعًا منّا عن إيماننا ضدّ الناس العقلانيّين، أصحاب مبدأ الاختبار التجريبيّ والفيزيائي ، وكلّ الناس المتعصّبين الذي يَعون الماديات من الأشياء فقط ، ولا يمدّون أيديهم أكثر من المادّة والظواهر العامة :  إنّ الوحي لا ينـزل من فوق نزولا، على رؤوس المارّة في الشوارع أو تحت الأشجار والحفر، وما الألسنة الناريّة التي جاءت واستقرّت على الرسل في العليّة في عيد العنصرة، إلا ضربة من ضربات القائم من القبر في قلوبهم وإيقاظهم للحياة الجديدة معه، النار تحرق، وفعلا، لقد حرقت قلوب وعقول الرسل، وجعلتهم يتكلمون بألسنة جديدة مختلفة، وأعطتهم المواهب المتنوّعة. وهذا نوعٌ من الوحي الإلهي أتاهم من القائم من الأموات، لأنه حياة وليس موت، وهو يعيش فيهم. ولهذا، الوحي لا يأتي إلا من أعماق الإنسان والنفس البشرية، والقلب والكيان والوجدان، من تلك المنطقة والزاوية العميقة من كيان الإنسان التي لا يريد الإنسان التقرّب منها، وإخراج الروح المسجّل فيه من الأزل. لهذا نشاهد في عالمنا المعاصر، أسباب الصراعات النفسيّة والاجتماعيّة، والآلام الكثيرة والقنوط وعدم الراحة، وكأنّ هناك في فمِ الإنسان طعمٌ كطعم المرارة القاسية، لانه محبوس في قفصٍ كبير بناه لذاته، وأوقف عمل الروح فيه. الوحي يتصاعد من حياتنا الانتروبولوجية الى الاعلى ويطوّر كياننا كاملا، ومع الآخرين لبناء ذات الإنسان . 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير