كتبَ جاك ديبون و ب . وبنارد : ” بدلَ أن نتكلّم عن ثلاث طلبات ، يجدرُ بنا أن نتكلّم عن طلبة ٍ واحدة بثلاث صيغ ، ومن المهمّ جدّا أن لا نفصل هذه الصيغ إحداها عن الأخرى ، بل أن نفهم كلّ واحدة ٍ في صلتها الوثيقة بمثيلتيها ” .
إذا نظرنا إلى هذه الطلبات الثلاثة متجاورة ، فلا نجدُ سوى موضوع واحد : المجيء النهائيّ للملكوت ، الساعة التي يتجلّى يُمجّد إسم الله ، بوجه ٍ تامّ . وفيها يتجلّى ملكه بجلاء ٍ ، بحسب الوعد الذي نقرأه في حزقيال ( 36 : 23 ) : “فَأُقَدِّسُ اسْمِي الْعَظِيمَ الْمُنَجَّسَ فِي الأُمَمِ، الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي وَسْطِهِمْ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ ” . وفي مجيء يسوع ، قُطِعَت مرحلةٌ حاسمةٌ ، لإننا دخلنا في الأزمنة الأخيرة من تاريخ الخلاص ، كما أعلنَ يسوع منذ بدء رسالتهِ : ” توبوا ، فقد إقتربَ ملكوت الله ” . متى 4 : 17 .
يقول كتابُ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة في الفقرة (2806) : ” بالطلبات الثلاث الآولى ، نُثبّت في الإيمان ، وقد ملأنا الرجاءُ وأضرمتنا المحبّة . وبما أننا خلائق وخطأة أيضا ، فعلينا أن نسأل لأنفسنا هذه ” النا ” على مقياس العالم والتاريخ ، التي نقدّمها إلى محبّة إلهنا اللامحدودة . لإنّ أبانا إنّما يُتمّم تصميم خلاصه لنا وللعالم كلّه ، باسم مسيحه ومُلك روحِه القدّوس ” .
قد نتمنى أن تحترمَ البشريّة بأسرها إسم الله ، وتُسهِم في مجيء ملكه ، ونعملُ بإرادته . إلاّ أن الصياغة لهذه الأمنيات الثلاث ، أو الطلبات الثلاث ، بحسب ِ الصرف والنحور ، تضفي عليها معنى آخر . لذا ينبغي أن نفهما بالشكل الذي وصفه الآب الراهب البنديكتيّ جان بوبي : ” إعمَلْ كي يُعترف بكَ إلهًا ! إجعلْ مُلكَكَ يأتي ! إجعلْ إرادتكَ تتحقق ! . إنها ترجمة الكتاب المقدّس المسكونيّة T.O.B ، وهي تحترمُ جيّدا ، صيغة المجهول في العناصر الثلاثة ، ولكنّها تبدو ، إلى حدّ كبير ، موجّهة ً وآمِرَة ، فلا يسع أيّ يهوديّ إلى أن يجرؤ ، في صلاته ، على التوجّه إلى الله بهذه النبرة ( الآمرة ) .
يتبع
