لإنّ أبي ؛ أعرفه ، مشى قُدّامي – أمامي ؛ وجَدّي مشى قـُــدّام أبي ، لكن أبني وحفيدي الذي سيأتي خلفي ، لا أعرفهُ . فهو إذن ليس بإتّجاه ” وجهي ” . الغرب يقولُ لنا : المستقبل أمامنا ، والماضي خلفنا ، لكن الشرق يقولُ العكس : المستقبل خلفنا ، والماضي أمامنا . فلسفة الوجه بين الغرب والشرق ، متعاكسةٌ تمامًا.
يقول الإنجيل عن يسوع قبل قيامته ، أنه تعرّض لحادثة مع ثلاثة من تلاميذه تسّمى ” التجلّي ” ، ” إنّ وجهَ يسوع تلألأ وصارَ كــ ” الشمس ” . نحنُ تعوّدنا أن نقرأ هذه الحادثة ، وإنها معجزةٌ كباقي معجزات يسوع ! كلا . هناكَ فلسفة وجه . وجه الله العميق في يسوع ، انكشفَ لثلاثة شهود . هذا الوجه النورانيّ المشعّ ، حاول بطرس أن يتملّكه فقال : يارب ، حسنٌ أن نبقى ها هُنا ، ونبني ثلاثَ مظال ، لكَ واحدة ، ولإيليا واحدة ، ولموسى واحدة …” . وجه الله لا نقدرُ أن نمتلكه ، لماذا ؟ وهنا قمّة اللاهوت العميق : قمّة الجبل . إيّهما جبل ؟ إنه جبل ” طبّور – طابور ” ، أي جبل ” السِرّة ” بالعبريّ . السرّة التي تربطنا بأمّنا ، والسِرّة التي تربطنا بالله . في هذه المنطقة التي تربطنا بالله ، ينكشفُ وجه الله من خلال وجه الإنسان يسوع . وجهه يكشف الله ، لكني لا استطيع أن أتملّكه وأستحوذ عليه ، لإنه أيضا : سريع العطب ، لإنّ يسوع يقول : سأموت ! . هذا الصراع العميق الموجود في الإنجيل ، نحنُ بحاجة ٍ لفَهمه ، لإنّ كلّ المسيحيّة تتجلّى في وجه يسوع . يسوع كاشف وجه الله العميق . يا رب لا تحجُب وجهكَ عنّي . كلّ وجه ، فيه سرّ الأبديّة ( كلّ وجه إنسان ) . على صورة الله ومثاله خلقنا الله ، فالله خلقَ الإنسان فيه سرّ . الوجه هو نقطة الإلتقاء بين البشر ، وبيننا وبين الله .