فكما تحكم العلاقات الفردية والشخصية “ناموس الحكمة أو بعبارة أخرى ناموس الحقيقة والعدل والتضامن الودي”(السلام في اﻷرض، فقرة 62) هكذا العلاقات بين الدول وجب أن يسودها الود والثقة والعدل واﻹحترام. ﻷن السلام بين الدول يجلب لها اﻹزدهار والنمو ، غير أن الحرب يطيح بها ويسلبها نموها. إنطلاقا مما سبق، يضع البابا القديس الساسة أمام مسؤليتهم الخطيرة في فهم عميق لحقيقة الحفاظ على الخير العام الخاص والعالمي. لهذا عليهم الحفاظ على التوازن الدولي المرتكز على احترام اﻹنسان، وعلى تدعيم الثقة المتبادلة واﻹخلاص في العلاقات الدبلوماسية، وبالتالي تطبيق المواثيق الدولية واﻹلتزامات وخاصة تلك التي تتعلق بالقضاء على مظاهر التسلح وانتشار سلاح الدمار الشامل. إن تلك المبادىء السامية تسهم في تثبيت السلام الحقيقي والموضوعي بين الشعوب والدول.
وصايا قديس في حل النزاعات بين الدول
لم يغب عن فكر القديس يوحنا الثالث والعشرين ذكريات الحرب العالمية اﻷولى والثانية، التي تركت في قلبه وسمة لا تمحى. فقد علمته خبرته الطويلة، ان خلاص الشعوب لا يكمن أبدا في اللجوء الى الحرب أوالتسلح والتسلح المضاد، أو أنه محصور فقط في نطاق اﻹتفاقات الدولية (راجع، السلام في اﻷرض، فقرة 59). فلكي يكون الحل شاملا وجذريا، وجب” العمل في إجماع وإخلاص على إقتصاء الخوف ومركب الحرب من نفوس الناس”(السلام في اﻷرض، فقرة 61). فعندما نزيل مكون الحرب من قلب اﻹنسان، عندها تسهل عملية بناء السلام التي تترافق حتما بتمتين الثقة بين الشعوب والدول، ﻷن”السلام الحقيقي لا يمكن أن يشاد في غير جو من الثقة المتبادلة”(السلام في اﻷرض، فقرة 61). وبهذا الفعل بإمكان الجميع تحقيق الهدف المنشود اي السلام الحقيقي، الذي هو من متطلبات وأهداف العقل البشري (راجع، السلام في اﻷرض، فقرة 62).