علاقة الإنسان بالله لا تُبنى على براعة الإنسان وقوته، بل على قوة الله التي يفسح لها الإنسان مجالا لكي تفعل في حياته وتحولها. وقد تحدث البابا فرنسيس في تعليم الأربعاء اليوم عن موهبة الروح القدس الرابعة، موهبة القوة، التي تمكننا من أن نعيش على مستوى دعوتنا المسيحية، لأنها تملأنا بقوة الرب بالذات.
تحدث البابا في مطلع التعليم عن مثل الزارع، مشيرًا إلى أننا في حياتنا، رغم أننا نلتقي الرب مرات عدة، نكون مثل الأرض الحجرة أو المليئة بالأشواك حيث تموت الكلمة ولا تثمر، ولذا نحن بحاجة إلى روح القوة الذي يشدد حياتنا ويجعلنا أهلاً لكي نأتي بثمر روحي خصب.
فروح القوة، على حد قول البابا فرنسيس “هو عون حقيقي، يعطينا القوة ويحررنا من الكثير من العوائق”.
القديسون الخفيون
وقد الأب الأقدس أمثلة عدة ملموسة عن أشخاص تتجلى فيهم موهبة القوة، إذ بدل أن يرضخوا لمصاعب الحياة وصلبانها يضحون شهادة مشعة لقوة الرب وعمل نعمته. وهناك مَن يصل حتى شهادة الدم لإيمانه ولأمانته. وكل هذا هو نعمة من روح القوة.
ولكن لم يكتف البابا فرنسيس بالحديث عن الحالات الفائقة والخاصة، بل ذكّر ببطولة الحياة اليومية التي يعشيها الكثير من الأشخاص.
وقال: “فلنفكر بأولئك الرجال والنساء، الذين يعيشون حالات صعبة، يناضلون لكي يؤمِّنوا حياة كريمة لعائلاتهم ولتربية أولادهم: يفعلون كل ذلك لأن هناك روح القوة الذي يعضدهم. كم من الرجال والنساء – الذين لا نعرف أسماءهم – الذين يشكلون فخرًا لشعبنا، وفخرًا لكنيستنا، لأنهم أقوياء: أقوياء لأنهم يهتمون بأمانة بحياتهم، بحياة عائلاتهم، بعملهم وبإيمانهم”.
ثم أضاف: “إن إخوتنا وأخواتنا هؤلاء هم قديسون، قديسو الحياة اليومية، القديسون الخفيون في وسطنا: وهم يتمتعون بالتحديد بموهبة القوة لكي يسيروا قدمًا في واجباتهم كأشخاص، كآباء، كأمهات، كإخوة، كأخوات، كمواطنين. لدينا الكثير منهم!”.
ودعا للشكر لأجل هؤلاء الشهود، داعيًا المؤمنين إلى التفكير مليًا بأنهم يستطيعون أن يكونوا شهودا بنعمة الرب، مستشهدًا بالقديس بولس: “أستطيع كل شيء بالذي يقويني”، وداعيًا بالتالي المؤمنين إلى العيش بحسب قوة ونعمة الرب، وإلى طلب موهبة القوة عند المحن والصعاب.