المسيحيون في غزة والبابا فرنسيس: بين الحماس والفتور

 14 أيّار 2014. إليكم بعض الأخبار من “الضواحي ” المنسية في الأرض المقدسة، تأتي قبل أيام قليلة فقط من زيارة قداسة البابا. وقد وجد مراسلنا لدى المؤمنين في غزة  حماساً يعبرون عنه، ولكن بصوت منخفض.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

تجري التحضيرات خلال هذه الأيام في العديد من الأماكن التي سيزورها قداسة البابا فرنسيس. ويشمل ذلك تهيئة أماكن الصلاة، وتجهيز الإجراءات الأمنية المشددة، وتحضير القوائم التي تتضمن أسماء الضيوف، اضافة إلى توزيع التذاكر للعدد القليل من الأشخاص المحظوظين الذين سيكون بإمكانهم المشاركة في الإحتفالات. وقد ملأ الصحفيون شبكةَ الإنترنت بالمقالات والمقابلات والتحليلات المختلفة.

وفي قطاع غزة، لا يكاد يُسمَعُ لهذا الحماس أي صوت. ورغم أن هذه المنطقة هي جزء من الأرض المقدسة (فقد مرّت منها العائلة المقدسة لدى هروبها إلى مصر) إلا أنها تبقى منطقة منفصلة. وسبب هذه العزلة التي تعاني منها غزّة هو ولا شك الحصار الذي يخضع له القطاع منذ عدة سنوات. ورغم الاهتمام الذي تظهره العديد من وسائل الإعلام الدولية بقطاع غزة، إلا أنه يبدو منسيّاً من قلوب العديد من المسيحيين.

لكن قطاع غزّة يبقى أحد تلك “الضواحي” التي يحبها البابا فرنسيس، وحيث يستطيع المسيحيون تقديم الكثير إلى اخوتهم من غير المسيحيين، وان أظهر لهم هؤلاء في بعض الأحيان العداء. وبالنسبة للجماعة المسيحية الصغير المقيمة في غزة، فإن كل يوم يشكل بالنسبة لها تحدياً جديداً.

في كل يوم، يجتمع المؤمنون في الحي المسيحي أو في كنيسة الأخوات الصغيرات لصلاة السبحة الوردية خلال هذا الشهر المكرس لمريم العذراء. ويُحتَفَلُ بعد ذلك بالقداس الإلهي، ثم يأتي دور الضيافة التي تستمر مدّة نصف ساعة يتبادل خلالها المؤمنون الحديث، وهم يتناولون معاً فنجاناً من الشاي. ويختبر الجميع أثناء هذه اللحظات قوّة داخلية، وشعوراً بأهمية العيش المشترك والسهر على حسن الضيافة، واللطف باتجاه بعضهم البعض.

ويصعب مع ذلك رؤية الفرح لدى هؤلاء المؤمنين، باقتراب وصول قداسة البابا فرنسيس. إلا أنهم يتناقشون في أمره. ويحاول الأبوين خورخي وماريو – ويحمل كل واحد منهما جزءاً من إسم قداسة البابا عندما كان لا يزال الكاردينال خورجي ماريو بيرغوليو – استخدام عظاتهما والأوقات المخصصة للتعليم المسيحي، كي يشرحا للمؤمنين في غزّة من هو هذا الأسقف الذي يرتدي لباساً أبيضا، ويتميز بكل هذه الشهرة والأهمية. فشرحا كون البابا هو خليفة القديس بطرس، موضحان دوره والخدمة التي يؤديها للكنيسة والعالم.

ويحاول الكاهن مع الراهبات (وجميعهم من الأرجنتين)، أن يجعلوا من وجه البابا فرنسيس أكثر ألفة وقرباً من أهالي غزّة. وقد استطاع كاهن الرعية، الأب خورخي هيرنانديس، أثناء رحلة قام بها إلى روما في شهر شباط الماضي، المشاركة في القداس الإلهي الذي يقيمه قداسة البابا يومياً في كنيسة القديسة مرثا، ومن ثمّ التحدّث إلى قداسته خلال بضع دقائق.

قام الأب خورخي أثناء هذا اللقاء بتقديم رعيته الصغيرة إلى قداسة البابا، الذي قدّم له بالمقابل دعمه وتشجيعه. فالشهادة المسيحية بين الفقراء وضحايا الحروب وغير المؤمنين، اضافة إلى العمل الرعوي المتواضع والدؤوب، هي أمور عزيزة جدا على قلب بابا الأحياء الفقيرة.

ويذكر قرَّاء موقع البطريركية اللاتينية، الهجمات التي تمت قبل بضعة أشهر والتي استهدفت الرعية في غزّة مثيرة الكثير من الاستنكار. لكن، وبعد أيام قليلة من هذا الحدث المحزن، وبفضل فعالية التحقيقات التي قامت بها الشرطة، فقد تم القبض على المسؤولين وسجنهم. أمّا الأب خورخي، فقد أعلن عقب ذلك بشكل رسمي مسامحته للذين قاموا بهذه الفعلة. أمّا همّ، وبعد الحوار الذي بدأ مع عائلاتهم، فقد عبّروا عن امتنانهم وتقديرهم لهذه اللفتة. بالإمكان أن نرى في ذلك مثالاً صغيراً على الشهادات الكثيرة التي تقدمها الجماعة المسيحية الصغيرة في غزّة.

يأمل العديد من المسيحيين الخروج من غزة لحضور القداس الذي سيترأسه قداسة البابا في بيت لحم يوم الأحد 25 أيار 2014. وقد تلقى لأجل ذلك 600 شخص منهم، تصاريح من السلطات الإسرائيلية. كما وتمت دعوة احدى العائلات لتناول طعام الغداء مع قداسة البابا. ويرغب العديدون منهم بمقابلة الحبر الأعظم شخصيّاً، ومصافحته، لإطلاعه على مصير أقاربهم ودعوته إلى غزة. وفي غضون بضعة أيام من الآن، سيكون بإمكان البعض منهم تحقيق هذا الحلم.

المقال: أندريس بيرغاميني

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير