الثقافة المعاصرة أدركت بحدس لافت أهمية الحب. الحب هو محوري، ولكن المحور ليس كل شيء! إلا أن الحدس العميق يبقى صحيحًا. لم يُخطئ القديس يوحنا فم الذهب عندما أسمى الزواج “سر الحب” (الآباء اليونان 51، 230). يمكننا أن نفهم معنى هذا السر فقط من خلال نظرة شخصانية تُدرك معنى الشخص وفرادته. وتأخذ في هذا الإطار أهمية خاصة كلمات الفيلسوف الروسي فلاديمير سولوفيوف (V. Soloviëv) الذي يلاحظ أنه بقدر ما تتطور الفصائل، بقدر ذلك ما ينفصل الحب عن ضرورة وغريزة التناسل وبقدر ذلك ما يأخذ اللقاء بين الذكر والأنثى بعدًا شخصيًا مهمًا بحد ذاته، بمعزل عن ضرورة الإنجاب.
في إطار مماثل، يتحدث الفيلسوف الألماني المرتد إلى الكنيسة الكاثلويكية ديتريخ فون هيلدبراند ()، في كتاب عنوانه ببساطة “الزواج”، أنه رغم تسليط الضوء على أهمية التناسل، يجب أن نذكر أن معنى الزواج يكمن في العلاقة الشخصية. فبينها يشكل التناسل وتربية البنين غايتين من غايات الحب الأساسية، يشكل الحب بين الثنائي معنى الزواج بالذات. هذه النظرة تعكس التراث الفرنسيسكاني في شخصيات هامة مثل القديس بونافنتورا ودونس سكوتس الذين تجاوزا نفي الحب من الزواج وأعادوا إلى محور لاهوت الزواج أهمية العلاقة بين الرجل والمرأة كالمعنى التأسيسي والأول للسر.
سنتحدث في الأقسام الأربعة التالية عن 4 أبعاد تجعل عيش الزواج في بعده الأساسي العلائقي هذا ممكنًا ومثمرًا.
(يتبع)