لنتذكّر زيارة البابا إلى فلسطين... هذا الحدث الذي طبع ذاكرة الكثيرين تعالوا نسترجع أبرز المحطات معًا...
"سلام" لربما هذه الكلمة ذُكرت أكثر من مرّة في أثناء زيارة البابا إلى الأراضي المقدسة ولا عجب أبدًا في ذلك! فهذا البابا، بابا السلام قد جلب معه واحات من السلام أغدقها على كل من التقاه بدءًا بحديثه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائلاً له: " أتمنى أن تتفادى جميع الأطراف اللجوء إلى مبادرات وأعمال تتعارض مع الرغبة المعلنة في التوصل إلى اتفاق حقيقي وألا يتعب الجميع من البحث عن السلام بعزم وصدق. سيحمل معه السلام منافع كثيرة لشعوب هذه المنطقة وللعالم كله. ولا بد بالتالي من السير بحزم نحو السلام، مع تخلي كل طرف عن شيء ما."
وكما رأينا أنّ البابا يخرج عن البرامج العادية والمقرّرة، فقد توقّف بالقرب من السور الذي بنته إسرائيل حول المدينة قبل وصوله إلى بيت لحم للاحتفال بالقداس، ونزل من سيارته وعلامات الحزن والتأثّر بادية على وجهه وصلّى لدقائق قليلة ثم مضى.
في أثناء القداس الإلهي في ساحة كنيسة المهد في بيت لحم ركّز البابا في عظته على الطفل، أمير السلام في المذود ومنه نتعلّم أن نكون أكثر إنسانية بقبولنا الأطفال ومحبتهم وحراستهم فتكون العائلة سليمة "يكرّر الله لنا اليوم أيضًا نحن رجال ونساء القرن الحادي والعشرين: "إليكم هذه العلامة"، إبحثوا عن الطفل..."
أما الحدث غير المتوقّع فتحقق حين دعا البابا كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى بيته في الفاتيكان للصلاة على نية السلام "في هذا المكان، حيث وُلد أمير السلام، أود أن أوجه دعوة لك، سيدي الرئيس محمود عباس، وللسيد الرئيس شيمون بيريز لترفعا معي صلاة مبتهلين من الله هبة السلام. وأضع بيتي في الفاتيكان بتصرفكما لاستضافة لقاء الصلاة هذا. كلنا نطمح إلى السلام؛ أشخاص كثيرون يبنونه كل يوم من خلال أعمال بسيطة؛ وكثيرون يتألمون ويتحملون بصبر مشقات العديد من محاولات بنائه. ومن واجبنا كلنا – لاسيما الأشخاص القيمين على خدمة شعوبهم – أن نكون أدوات السلام وبُناته، من خلال الصلاة قبل كل شيء. بناء السلام صعب، لكن العيش بدون سلام عذاب. جميع رجال ونساء هذه الأرض والعالم كله يطلبون منا أن نرفع أمام الله تطلعهم المتّقد نحو السلام."
وما لبث أن أتى ردّ الرئيسين أسرع من المتوقّع وهذا أيضًا لا عجب فيه فيصعب ردّ طلب بابا التواضع والسلام.
طبعًا لن ننسى تناول طعام الغداء مع أطفال المخيمات اللاجئين حيث فضّل البابا أن يكون معهم في "مركز فينيكس" ببيت لحم ويستمع إليهم ويشددهم طالبًا منهم التغلّب على العنف بواسطة السلام.
من القدس، مدينة السلام، لم يوفّر البابا دقيقة إلاّ وانتهزها من أجل الصلاة على نية السلام إن من خلال أفعاله أو أقواله أو حتى من خلال دعوة الأطراف المتنافرة للصلاة من أجل السلام... على أمل أن تتابع الأراضي المقدسة بقطف ثمار زيارته إلى أن يتحقق السلام الفعلي.