شكل يوم الإثنين 26 أيار اليوم الأخير من زيارة البابا الى الأراضي المقدسة. انطلق الحبر الأعظم صباح الإثنين للقاء المفتي في المسجد الأقصى وفور وصوله استُقبل الأب الأقدس بحفاوة وتبادل الحديث مع المفتي قبل أن يلقي هذا الأخير كلمة ترحيبية طرح فيها أمام البابا المصاعب التي يعيشها الشعب فقال: "قداسة الضيف الكبير، إن العيش المشترك وتقاسم الآمال والآلام بين أهل هذه الديار أصبح نموذجًا يحتذى به في سائرالأقطار التي يعيش فيها أتباع الديانات السماوية إلا أننا في هذه البلاد التي غاب عنها الأمن والسلام منذ عقود جراء الاحتلال الإسرائيلي نصبو الى يوم الحرية ونهاية الاحتلال وحصول شعبنا الفلسطيني على حقوقه المشروعة في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس." هذا وأضاف بأنه يتطلع أن تثمر الجهود التي يبذلها البابا من أجل السلام كي ينال الشعب حريته وحقوقه.
من ناحيته، شكر الأب الأقدس المفتي على دعوته للقائه في هذا المكان المقدس مشيرًا الى أننا نريد جميعًا أن نشهد على عمل الله في العالم وأضاف: "نحن في هذا اللقاء نحمل تطلعات العمل من اجل السلام والعدل: فلنحترم ونحب بعضنا البعض كإخوة وأخوات! فلنتعلم فهم معاناة الآخرين! فلنتوقف عن استخدام اسم الله من أجل العنف! فلنعمل معًا من أجل العدالة والسلام!"
تابع البابا برنامجه متوجهًا الى جبل هرتسل في القدس وفي طريقه توقف الحبر الأعظم أمام حائط المبكى وترجل من سيارته حاملًا بيده ورقة بيضاء. توقف فرنسيس لدقائق صامتًا وبدا الإكتئاب والتأثر على وجهه ثم اقترب فلامس حجارة الحائط وأحنى رأسه متمتمًا، مصليًّا. بعد الصلاة الموجزة، وضع البابا الورقة بين حجارة الحائط وهنا كثرت التساؤلات: "يا ترى...ماذا كتب البابا؟" وما هي إلا ثوان حتى بدأت وسائل الإعلام ترجح أنه كتب صلاة للسلام وأخرى أعلنت أنه كتب اعتذارًا وصلاة ولكن دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي نقلت عن البابا قوله: "لقد كتبت صلاة الأبانا باللغة التي علمتني إياها أمي (أي بالإسبانية.)"
بعد هذه المحطة وصل البابا الى متحف "ياد فاشيم" الذي يذكر بمقتل ملايين من اليهود على يد النازيين، وهناك تقدم وأشعل الشعلة ومن ثم اقترب ووضع إكليلًا من الزهر على النصب التذكاري للشهداء ومن هناك ألقى كلمة استهلها بالقول: "آدم أين أنت؟"، أين أنت أيها الإنسان، وما الذي أصبحت عليه؟ هذا ما شدد عليه البابا قائلا أننا ومن هذا المكان، أي المحرقة، يمكننا أن نسمع صوت الله يصدح مرة أخرى سائلا: "آدم أين أنت؟" وهذا السؤال، وبحسب البابا يحمل حزن أب قد خسر ابنه، فلقد عرف الأب خطورة الحرية، علم أن ابنه قد يضيع.
بدت معالم الحزن والتأثر واضحة على وجه فرنسيس وهو يتساءل من شوّه الإنسان وزرع العنف في قلبه وأقنعه بأنه سيد نفسه وأوهمه بأنه إله؟ وشدد بأنه يجب علينا أن نشعر بالخزي مما استطاع الإنسان الذي خلقه الله على صورته ومثاله أن يفعله. من ثم تقدم البابا مسلمًا على بعض الناجين من محرقة الهولوكوست وقد ذهلنا امام تواضعه مرة جديدة فها هو رأس الكنيسة، راعي الشعب والحبر الأعظم ينحني ليقبل أيدي الناجين وقد صرّح أحدهم قائلا: "صعقت عندما قبل البابا فرنسيس يدي! فلم يسبق أن حاخاما فعل لي ذلك!"