من الصعب أن نجادل بأن لا يكون البابا فرنسيس أفضل سياسي في العالم بعد أن قام بزيارته إلى الأراضي المقدسة في نهاية الأسبوع الفائت. ففي خمس وخمسين ساعة، استطاع البابا البالغ من العمر 77 عامًا أن يزور ثلاثة بلدان ويزرع شجرتين ويعقد مؤتمرًا صحفيًا رائدًا لمدّة خمس وأربعين دقيقة.
إنّ المفاجأة الكبرى التي هزّت العالم كانت يوم الأحد عندما كان يحتفل بالقداس الإلهي في بيت لحم، ودعا البابا فرنسيس بطريقة غير متوقّعة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز والرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الحضور إلى الفاتيكان في حزيران من أجل الاجتماع للصلاة والحوار. بأقلّ من ساعة، وافق الإثنان!
وقد تعاهدنا عليه من قبل عندما نجح بإسكات العنف بالعنف بعد أن دعا إلى يوم عالمي للصلاة والصوم على نية السلام في سوريا. لربما سمعتم العديد من النقّاد يقولون بإنّ العنف لا يزال يتآكل سوريا حتى اليوم طبعًا لأنّ مسيرة السلام صعبة كما ذكر البابا في أثناء زيارته إلى لراضي المقدسة “إنما العيش من دون السلام هو عذاب”. ولكنّ الصلاة استطاعت على الأقلّ أن توقف الردّ على العنف من خلال العنف.
لن ننسى أبدًا عندما قال البابا أثناء تلاوته التبشير الملائكي عند ظهر يوم أحد وسأل الحجاج الحاضرين في ساحة القديس بطرس: “هل من الممكن أن نغيّر اتجاه الأمور؟ هل يمكننا أن نخرج من دوامة الحزن والموت؟ هل يمكننا أن نتعلّم من جديد أن نسير ونعيش في سبل السلام؟”
ما من شيء مستحيل بالصلاة… فالصلاة تضطلع بدور بالغ الأهمية في معالجة القضايا العرقية والسياسية الصعبة. فطوال تاريخ البشرية، استطاع الأنبياء أن يخففوا من حدّة الأوضاع المتوتّرة من أجل الوصول إلى السلام والعدل. فتذكّروا غاندي ومارتن لوثر كينغ والقديس يوحنا بولس الثاني كم شهدوا على أنّ الدين يمكن أن يربح حرب مستعرّة من دون حتى أن يرفعوا يدًا واحدة.