منذ ايام، دُعيتُ الى حفلة كورال تحييها جوقة الصخرة، وتم تقديم أناشيد وأغاني وطنية متنوعة، وفي ختامها القى فضيلة الشيخ الدكتور محمود عكام مفتي حلب كلمة مؤثرة طيبة كانت بلسماً للحضور الذي كانت غالبيته من المواطنين المسيحيين (وانا أخجل من ان أعطي المفردات الدينية)، وكانت كلمة مطمئنة للذين بقوا في سورية ولكن أحلامهم تمتد الى أرصفة السفارات يبحثون عن ملجأ، وكانت أيضاً كلمة دعوة للعودة لأولئك الذي وضعوا أحلامهم في حقائب السفر عبر العالم.
اليوم أصبحنا قريبين من الاستحقاق الرئاسي الذي سيجري بعد أيام، وهذه أول مرة منذ سنوات طويلة يجري انتخاب رئاسي، والمرشحين غير الرئيس المرشح بشار حافظ الأسد، كانوا جريئين بغض النظر عن المسميات التي قيلت عنهم مثل انهم شاركوا في مسرحية، وغيرها…، وأن الانتخابات هي لذر الرماد في العيون لأن المرشح بشار الاسد سيفوز……
ماذا سأقول للمرشح الأوفر حظاً في النجاح؟
لقد جرّبناك وكانت لك نجاحات، وكانت لك اخفاقات،…. فلأسألك مجموعة من الأسئلة واتركك تجيب عليها.
إذا كانت الولاية القادمة سنشاهد بها نفس غالبية المسؤولين الحكوميين الذي يثرثرون أكثر مما يفعلون والذين تنطبق عليهم الآية الكريمة }كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون{ فعندها لن انتخبك.
ولكن عندما سأرى دفاعك عن وطن ومشاريع البناء التي كنت تبنيها ، لبناء سورية متطورة ، فعندها سأجمع كل افراد عائلتي لانتخابك.
اذا كنا سنبقى دائما مطالبين بموافقات أمنية لكي نتزوج أو ندخل الحمام أو نشتري البوشار، فانا عندها لن انتخبك.
أما إذا كان، كما عهدنا في السنوات السابقة، تضييقاً على البيروقراطية الأمنية وعدم السماح لها بالتدخل في كل شؤون المواطن، فكن على ثقة انني سأحمل يافطة عليك صورتك وأسير بها وأوظف نفسي – بدون أجر – في حملتك الانتخابية.
وإذا كنا سنرى نفس السيارات المفَيَّمة والتي تُشفّط وتطلق النار بدلاً من الزمور، مع نفس ردود المسؤولين المترهلة حول أن البحث عن الجناة ما زال مستمراً أو أن عين الدولة لا تنام؟ …فأنا سأذهب الى النوم ولن انتخبك.
ولكن إذا كانت هناك خطة واضحة في المستقبل لضبضبة أولئك الذين تجاوزوا ومحاكمة الذين اخطأوا وغيره أيضاً، فكن على ثقة أنني سأقف طويلاً أمام مراكز الانتخاب لكي أعيد التجربة مرة أخرى معك.
هذه بعض الوساوس التي تنتاب الكثير من السوريين، ولكنهم سيادة الرئيس المرشح لم يتكلموا بها وقد كلفتني عيونهم أن أهمس لك بها.
هاجر الكثير من الناس في هذه الأزمة التي أمتدت أكثر من ثلاث سنوات، هاجروا خوفا من كل شيء، وضعوا أحلامهم في حقائب صغيرة وهاجروا، والأدق من هاجروا هو أنهم هربوا، واليوم فإن إعادة الاعمار تتطلب إعادة بناء الثقة لهذا المواطن، لكي نمحو من ذهنه آثار الخوف والرعب الذي هرب منها.
الكثير من المسيحيين الذين سافروا، أو هربوا، سيعودون ولكن أولادهم الذين بقوا خلال هذه الأزمة خارج سورية، سيبقون ليتابعوا دراساتهم ويعملوا ويستقروا هناك، وستظهر لدينا بعد فترة من الزمن هجرة أهاليهم (الذين سيعودون الى سورية بعد انتهاء الأزمة) أقول أن هؤلاء الأهالي سيمارسون الهجرة الى حيث استقر الأبناء .
جاءت حفلة جوقة الصخرة، كصرخة في ضمائرنا، وقالت من خلال الأناشيد او الاغاني، ما لم نتجاسر أن نبوح به، وكانت كلمة فضيلة الشيخ د. مفتي حلب، طمأنة وحوار مع الذات ورسم صورة سورية بعد الأزمة.
أعرف تماما أن الأزمة السورية هي أعقد من أن نبسّطها بصراع على السلطة أو حرب أهلية، أو طائفية، أ, …أو،… ، لأنها أكثر من كل تلك لتوصيفات ولكنني أختصرها بأنها نزع الثقة من المواطن في سوريته، فجاءنا من ليس سورياً ولم يزر أرضها، لكي ينادي في نيسان الماضي خلال عظته للعموم فيقول : La mia amata Siria أي سوريتي الحبيبة، فشكراً لك قداسة البابا فرنسيس لأنك كنت أجرأ وأحب وأحن على أمنا سورية مننا.
وأخيراً، سأنتخبك على محاربة الفساد ومحاكمة المتورطين والذين مارسوا القتل، وإعادة البناء لأن سوريتك الحبيبة لا تختلف عن سوريتي الحبيبة، ولأننا مع مجموع الشعب سنكون الصخرة التي سنبني سوريتنا الحبيبة عليها.
اللهم اشهد اني بلغت