بدأ المطران درويش كلامه معرّفاً عن نفسه ” أنا مطران عربي مسيحي، نشأت في بيئة عربية فيها المسيحي والمسلم يتعايشان معا ويواجهان نفس التحديات والطموحات. وفيها تعلمت أن أحترم المسلم وأحبه كما أحترم المسيحي وأحبه. وعلى ممر الزمن تعلمت أن أكتشف نقاط التقارب، وهي كثيرة، بين المسيحية والإسلام. وتعلمت أنّ أفضلَ طريقة لمواجهة الإلحاد في العالم هو التحالف بين المسيحية والإسلام، فهم ونحن نؤمن بالله الواحد وبأن الطريق للوصول إليه تكمن في الصلاة ورفع الابتهالات إليه وبعمل الحسنى والبر
لذلك أنا سعيد جدا بأن أعطيكم من خبرتي، بعض الأفكار التي تساعد المسيحيين والمسلمين لنعيش معا في النظام العالمي الجديد”
وأضاف ” العيش الواحد المشترك بين المسيحيين والمسلمين عمره 1400 سنة يجمعنا تاريخ واحد، نعبد الله الواحد رغم اختلاف الطقوس والطريقة. ولو كنا نعرف أن نقرأ التاريخ بشكل جيد لاكتشفنا أن الحرب كانت تستعر في كل مرة يتوقف الحوار بين البشر. على المسيحيين الصالحين والمسلمين الصالحين أن يعتنقوا اليوم مبدأي الأخوة واحترام الآخر، ويكونوا معا رسالة سلام الى العالم كله، فالعالم كله يتوق الى وضع المحبة فوق الكراهية، والمصالحة فوق الحرب، والحوار فوق الاقتتال. وهذا يعتمد على قدرتنا بالاقرار وبالاعتراف بعيوبنا ونواقصنا وأن نواصل الحوار معا وننمي صداقتنا ونحترم مساحات الاختلاف الموجودة بيننا ونقوي مناخات الثقة لنقطع الأوكسيجين عن تجار العنف.”
وتابع درويش ” دينُنا أيها الأبناء والبنات، أيها الأصدقاء، أيها الأحباء، دينُنا في تجلياته الاسلامية والمسيحية هو دينُ محبةٍ وتسامح وإخاء… دينُ القيم الإنسانية، دينُ الامر بالمعروف والنهي عن المُنكر، دين المعاملة الودود والتوبة النصوح والإله الواحد خالق السموات والارض. أما الحقدُ والكيد والمشاكسة والاطماع فلا ينتج عنها إلا المآسي والهلاك والدمار” أما الارهاب فليس منا، وكذلك التطرف والتخلّف والاجرام والجاهلية والفكر الظلامي التكفيري. هكذا يصبح الاعتدال من العدل، تماماً كما الاقتتال من القتل. أما دينُنا المتجلي في رسالتين ساميتين، فيقول في الانجيل: “إغفر لأخيك سبع مرات سبعين مرة”. ويقول في القرآن: “ومن شاءَ فليؤمن ومن شاءَ فليكفر. أفأنت تُكره الناسَ حتى يكونوا مؤمنين؟”
كلُّ شعبٍ ينقسم على نفسه يخرب، لأن الانقسام البنيوي يمزق نسيجنا الاجتماعي الواحد… ويتضح بما لا يقبل الشك أن التحابَّ متأصل في تاريخنا، أما التباغضُ فدخيل، فكيف إذا عبّر عن نفسه بالرصاص والحراب والسواطير والسيوف والاعدامات الكيفية والمجازر التي يندى لها تاريخُ الانسانية خجلاً؟ كما تُدينها الاديان والضمائر الحية وخفقات الحضارة حتى في مرحلة ما قبل الاديان السماوية.”
وختم درويش كلمته قائلاً ” إحرصوا على معرفة الحقيقة وانبذوا الاوهام. والمحبةُ هي اعلى مراتب المعرفة. أنت مسلم أو مسيحي بمقدار قربك من الله، من أخيك الانسان ومن حاجته وسلامته وكرامته وأمنه واستقراره. إذا لم تكن كذلك فأنت وثنيٌ عليك قناع الإيمان… لبنانُ مأزوم فكونوا جزءاً من الحل لا من المشكلة. ساهموا في منع الهيكل من السقوط على رؤوس الجميع لأن شعبنا يستحق الحياة كما يستحق السلم الاهلي والوحدة الداخلية والتقدم والبحبوحة والازدهار.”
من جهته، اعتبر المفتي الميس أن “التعصب المذهبي مرحلة وتنتهي ” وشدد على أن “لا أحد يمكنه وضع لبنان في جيبته، لا جيبة دينية و عقائدية، بقدر ما نكون للبنان يكون لبنان”، معتبراً ان “معضلة انتخاب رئيس للجمهورية مؤلمة جدا، ومن يربط الموضوع بما يحدث في الخارج عيب عليه، وعليه أن يسمع لمرجعياته الدينية بضرورة انتخاب رئيس.”
ولفت الى ان “داعش مشروع صهيوني وكل من لا يريد الخير للبنان، فمشروع التقسيم ليس مشروعنا و لا سياستنا، الآخر يعيش بقدر ما أطمئنه أنا وبقدر ما يطمئنني هو”، وشدد على أنه “يجب حماية الشباب، ففي لبنان ابواب الهجرة مفتوحة ، وعلينا ان نكافح و نناضل سوية لكي نصل الى بر الامان”.
وفي نهاية اللقاء فتح المجال امام اسئلة الحضور.