هذا الشعب يجعلنا نفكر بالكنيسة السائرة في برية عالم اليوم، يجعلنا نفكر بشعب الله المؤلف بمعظمه من العائلات. هذا ما يحملنا على التفكير بالعائلات، بعائلاتنا السائرة يوميا على دروب الحياة والتاريخ. لا يسعنا أن نتصور حجم القوة والزخم الإنساني الموجود في العائلة: المساعدة المتبادلة، المرافقة التربوية، العلاقات التي تنمو مع نمو الأشخاص، مقاسمة الأفراح والمصاعب. لكن العائلة هي المكان الأول الذي ننمو فيه كأشخاص كما أنها في الوقت نفسه الحجارة اللازمة لبناء المجتمع.

بالعودة إلى الرواية البيبلية، تابع البابا يقول، نرى أن الشعب لم يعد يحتمل السفر، فقد تعب الناس وعطشوا، وسئموا من تناول الـ"منة" هذا الطعام الذي وفّره لهم الله. فراحوا يتذمرون ويعترضون على الله وموسى وواجهوا تجربة العودة إلى مصر والتخلي عن هذه الرحلة. هذا يحملنا على التفكير بالأزواج الذين "لا يحتملون مشقة سفر" الحياة الزوجية والعائلية. فيصبح تعب السفر تعبا داخليا، ويفقدون طعم الزواج ولا يشربون من مياه ينبوع السر. فتُلقي الحياة اليومية بثقلها عليهم.

في هذه الفترة من الضياع – يقول الكتاب المقدس – تأتي الأفاعي السامة فتميت العديد من الأشخاص. وهذا ما حمل الشعب على التوبة، وطلب المغفرة من موسى طالبا منه أن يصلّي للرب كي يبعد هذه الأفاعي. فتوسل موسى إلى الرب، الذي قدم الدواء الشافي: أفعى برونزية معلقة على عامود، من ينظر إليها يشفى من سم الأفاعي القاتل. ما يعني هذا الرمز؟ تابع البابا متسائلا. لم يقض الله على الأفاعي بل قدم دواء مضادا لسمومها من خلال هذا الرمز الذي صنعه موسى أشعت قوة الله الشافية، التي هي رحمته وهي أقوى من سم المجرّب.

إن يسوع، كما سمعنا في إنجيل اليوم، قارن نفسه مع هذا الرمز: فإن الآب وبدافع المحبة، أعطى للبشر ابنه الوحيد كي تكون لهم الحياة. والحب الكبير للآب حمل الابن يسوع على التجسد، على أن يصير خادما، ويموت من أجلنا على خشبة الصليب. ولهذا السبب أقامه الآب من الموت وأعطاه سلطانا على الكون كله. من يتوكل على يسوع المصلوب ينال رحمة الله التي تشفي من السم القاتل للخطيئة.

إن الدواء الذي وفّره الله للشعب ينطبق أيضا على الأزواج الذين "لا يحتملون المسيرة"، وتسممهم تجربة فقدان الشجاعة، والخيانة والتقهقر والهجر. لقد أعطاهم الله الآب ابنه يسوع، لا ليدينهم بل ليخلّصهم: إذا ما أوكلوا أنفسهم إليه، فهو يشفيهم بمحبته الرحومة النابعة من صليبه، بقوة النعمة التي تجدد درب الحياة الزوجية والعائلية.

إن حب يسوع، الذي بارك وكرّس اتحاد الأزواج، قادر على الحفاظ على حبهم وتجديده عندما يضيع ويتمزّق وينفد. إن حب المسيح قادر على أن يعيد للأزواج فرح السير معا، لأن هذا هو الزواج: إنه مسيرة مشتركة بين رجل وامرأة، يترتب فيها على الرجل أن يساعد زوجته على أن تكون أكثر أنوثة، كما يتعين على المرأة أن تساعد زوجها على أن يكون أكثر رجولة. هذا هو واجبكم! إنه تبادل الاختلافات والفروقات. إنها ليست مسيرة سهلة، خالية من التصارع، وإلا لا يكون الأمر بشريا! إنها رحلة مُلزمة، تكون أحيانا صعبة، أو حتى مفعمة بالصراع، لكن هذه هي الحياة! ختاما أكد البابا أنه من الطبيعي أن يتعارك الزوج والزوجة، هذا يحصل أحيانا، لكن لا بد ألا تغيب شمس ذلك النهار، قبل أن يتصالحا! وهكذا تستمر المسيرة! الزواج هو رمز الحياة، الحياة الواقعية، وهو ليس من نسيج الخيال! إنها سر محبة المسيح والكنيسة، محبة تتحقق في الصليب وتجد فيه ضمانتها. هذا ثم تمنى البابا للأزواج الجدد حياة خصبة، ينمو في كنفها الحب الزوجي وتتسم بالسعادة، سائلا الرب أن يباركهم!

مسلسل مأساة المسيحيين

وتستمر المأساة، وفي خضم الظروف المأساوية التي يمر بها شعبنا المسيحي المؤمن في العراق من طرد، وتهجير قسري من بيوتهم ومدنهم الأصلية؛ التي عاشوا بها منذ الاف السنين؛ منذ اجدادهم الذين وضعوا بذرة الإيمان المسيحي فيها؛ وسقوها وغذوها بدمائهم الزكية. يرجع بنا التاريخ مرة أخرى إلى عصر ما بعد الجاهلية وليس عصر الجاهلية نفسه، لأن عصر الجاهلية كان يتمتع بثقافة الحوار وثقافة اللغة والشعر وتعدد الاديان والتآخي، ولكن بعد ظهور جماعة بقيادة خليفة متشح بالسواد ولا ندري من أين هو؟ يذكرني بذاك الخليفة الذي ظهر في (…) ويستمع إلى أوامر قادته الذين يمتطون الخيول والفيلة لكي يستذكروا تلك الأيام الخوالي، ويطبقوا هذه التمثيلية مرة اخرى برأس المسيحيين الموصليين في القرن الحادي والعشرون.

قداس تضامني مع مسيحيي العراق في هولندا

أُقيم قداس تضامني من أجل السلام في العالم، لاسيما من أجل مسيحيي العراق، قبل ظهر يوم الأحد الواقع في 14 أيلول 2014، يوم عيد رفع الصليب المقدس ويوم عيد إعلان الحريّة الدينيّة المسيحيّة على يدّ القديسة هيلانة في القرن الرابع، في دير ويتم في جنوب هولندا.

البابا فرنسيس يطلق نداء من أجل السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى

في ختام الاحتفال بالذبيحة الإلهية تلا البابا فرنسيس كعادته ظهر كل أحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين. سلط البابا الضوء على معنى عيد ارتفاع الصليب لافتا إلى أننا نرفع في هذه المناسبة صليب يسوع، لأن من خلاله تجلّت محبة الله القصوى للبشرية. لقد وهبنا الله الآب ابنه ليخلصنا، وهذا ما تطلب موت يسوع على الصليب. وقد حصل هذا الأمر بسبب خطورة الشر الذي كان يستعبدنا. لقد عبّر الصليب عن القوة السلبية للشر وعن قدرة رحمة الله في الآن معا. بدا الصليب وكأنه فشل يسوع، لكنه في الواقع رمز انتصاره. عندما نوجّه أنظارنا نحو الصليب – تابع البابا يقول – نتأمل بعلامة محبة الله اللامتناهية حيال كل واحد منا، ونتأمل أيضا بجذور خلاصنا. من هذا الصليب شعّت رحمة الآب التي عانقت العالم بأسره. صليب يسوع هو رجاؤنا الوحيد، ولهذا السبب “ترفع” الكنيسة الصليب المقدس.