كان هذا السؤال قد راودها مسبقًا حين زارت متحفًا في بودابست وهو يقع في المقر السابق للنازية وكانت المشاهد مرعبة فهي تظهر التعذيب والإعدام الذي تعرض له السجناء فاجتاح الألم كيانها. وهي تجول في المكان عرض عليها شريط فيديو يظهر عملية شنق تعرض لها أحد السجناء وشرح لها أحد طلابها ما كان يدور في كل زنزانة وأخبرها قصصًا عن السجناء الذين احتجزوا هناك، وهي وفي عمق ذاتها كانت تتساءل: “اين الله من كل ذلك؟”
هي لم تجرؤ يومًا على أن تطرح هذا السؤال جهارية بل احتفظت به في قلبها ففي معتقدها أن ذلك سيزعج من يؤمن بإله الخير وفي تلك اللحظة سمعت صوتًا خافتًا: “كنت هناك! لا يدخل أحد الى الزنزانة الا بمرافقتي، أنا لا أزال أحمل علامات الصلب.” شعرت الفتاة بالسلام والامتنان لله الذي قد ذاق بنفسه طعم الألم فهو من عانى الأصعب فكيف سيشعر حين يرى العذاب في عيون أحبته.
تابعت ماروجي تخبر عن الإيمان العظيم المتجذر في عائلتها والتي تربت عليه أمها على يد جدتها التي قد خسرت يومًا منزلها ومقتنياتها ولكنها لملمت شتات نفسها وقالت أن الأشياء المادية من صنع الإنسان، وشكرت الرب على عطاياه. تشدد الفتاة على أن جدتها لم تيأس ولم تستسلم وأمها كذلك وهنا فهمت قصة إله الخير، هذا الإله الذي شكرته جدتها وآمنت به وهذه علامة قصوى على حضوره، وقد اعتادت عائلتها القول: من يثق الله بهم هم من يجعلهم يعانون لأنه يحتاج أناسًا لمساعدته في حمل صليبه.
بالعودة الى قضية اختطاف الراهبات أكدت ماروجي أن الراهبات لم يتخلين عن إيمانهن ومعتقداتهن بل تحدين الظلم وشهدن لوجود الروح القدس حولهن وسط صرخات الألم التي احاطت بهن. برأي الكاتبة سمح الله بحصول هذه الأحداث لأنه بحاجة الى الصلاة والى العمل من أجل إصلاح الأخطاء وقد اختطفت الراهبات كي ينثرن عطر المسيح ونوره في هذه الهوة المظلمة التي غرق فيها العديد من الناس، لقد كنّ كصدى لصوته حين يقول: “لا تخف أنا معك!”
ختمت ماروجي قائلة أنه من غير المنصف أن نسأل أين هو الله بل فلنسأل أين هو الإنسان؟ فيسوع حين شق طريقه نحو الصليب لم يسأل أين هو الله بل قال: “إلهي إلهي لماذا تركتني؟” هذا هو السؤال البديهي الذي يجب أن نطرحه والله سيجيبنا طبعًا. هذا هو السؤال الذي يكشف عن أعماق كرامتنا وإنسانيتنا وسر الله الذي لا يسبر غوره.