اليوم نحتفل بعيد الصليب المقدس وهو تجديد لذكرى يوم الجمعة العظيمة والفرق الوحيد بين العيدين هو أننا نعيد في يوم الجمعة من أسبوع الآلام لذكرى الفداء بدم يسوع المسيح وموته على الصليب، بينما ننظر اليوم إلى الصليب غالبا وممجَدا ومنتصرا على قوى الشر ونستمد منه القوة والنعمة لنتغلب بدورنا على ضعفنا وخطيئتنا وكل القوى التي تبعدنا عن المصلوب.
1- الصليب والكنيسة
لا يمكن أن نفهم الكنيسة من دون صليب. ولا نفهم الليتورجيا من دون صليب وحياتنا المسيحية تبدو بدون معنى من دون الصليب.
الصليب مغروس في وسط الليترجيا وهي لا تنفك تبشر بالصليب. وآلام يسوع المصلوب تبدو رائعة في يوم الجمعة العظيمة.
عندما يعطي الكاهن الأسرار، يكون الصليب موجودا في الوسط، يطل علينا ليدمغنا ويختمنا بمحبة يسوع ونعمته.
عندما يعطي الكاهن السلام يبارك بالصليب لأننا بدون الصليب لن نجد السلام.
عندما يباركنا الكاهن يبارك بإشارة صليب، لأن الصليب هو أداة المصالحة بين الله والبشر. فلن يتصالح أحد مع الله بدون قوة الصليب.
2- الصليب والإنسان
قال يسوع: “من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها”.
المسيح يدعونا إلى الجهاد (الجهاد ليس من أجل الدين وليس بالحروب ولا بالدمار) الجهاد على الذات لنكسب الفضيلة والتقوى.
بالصليب عرفنا المخلص
بالصليب نُحسب من عداد أبناء الله
بالصليب نُصبح نيرين ومنيرين
بالصليب نصير أحرارا
الصليب هو عيدنا وسرورنا لأن المسيح ذبح عليه من أجلنا.
إشارة الصليب تميزنا عن غير المؤمنين. لقد أعطي لنا سمة على وجهنا. يقول الكتاب: “إنه نهوض الساقطين وسند الواقفين وعكاز الضعفاء وعصا الرعاة وإرشاد المرتدين وكمال الفائزين وهو خلاص للنفس والجسد وهو غرسة القيامة وإعادة الحياة الأبدية”
3) المصلوب محبة
“ليس من حب أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه ‘ن أحبائه (يو 15/13). “ولما أحب خاصته.. أحبهم إلى الغاية”(يو13: 1).
والمحبة تستدعي المبادلة.. ” أحبني وبذل نفسه عني (غلا 2/2).
ثمن الإنسان هو ثمن الله، لذلك قال بولس”لا تشكك أخاك فمن أجله مات المسيح” (1كو8/2).
هكذا يبين لنا المصلوب كم علينا أن نحب بعضنا كما أحبنا هو: “إذا كان الله أحبنا إلى هذا الحد فيجب أن يحب بعضنا بعضا” (يو4/2).
إن الصليب هو “قوة الله وحكمته” (1 كو 1: 24). والذين يؤمنون به يرتفعون عن طريق التواضع ويغتنون عن طريق الفقر ويتقوون عن طريق الضعف.
لذلك أيها الأخوات والأخوة، لنفرح اليوم لأننا أبناء الصليب، ولأنه حاضر في عمق حياتنا، في صميم إيماننا وفي وسط شعائرنا.
نحني له اليوم قلوبنا ونقبّله بإيمان ونستمد منه النعمة ونغرف منه القداسة. إنه رجانا، قيامتنا، فرحنا، عيدنا وفخرنا. “فيا من رفع على الصليب طوعا، ايها المسيح الإله، إمنح رأفتك لشعبك الجديد الملقب باسمك..”
أخيرا أيها الأخوة نريد أن نشكر باسمكم وباسم الأبرشية حضرة أمين سرنا الأب وسيم المر الذي عمل معنا خلال السنوات الثلاث الماضية، بعد أيام سيغادرنا الى روما بطلب من رهبنته ليتابع تخصصه. نشكره لعمله ولإخلاصه ولأمانته ونتمنى أن تكون إقامته في روما لخيره ولخير الكنيسة.