الهند بلد تعايش الأديان

أغلبنا يعرف الهند من خلال الأفلام ، ولكن زيارة الهند تعطيك خبرة أعمق عن العادات والتقاليد والأديان الهندية، عندما عرفت إنني سأزور الهند  في اطار عملي، كنت متشوقًا للتعرف على  هذه الحضارة الجميلة التي تعود إلى آلاف السنيين.  حضارة الهند تختلف عن باقي الحضارات، فهي  حضارة الاختلاف والتنوع ، حيث تتنوع الأديان في الهند من أديان هندية و طبيعية تعود تاريخها إلى آلاف السنين ، فالهند تحتضن أقدم الديانات التي عرفتها الانسانية.

Share this Entry

لقد انتهزت فرصة وجودي بالهند وقمت بزيارة العديد من المعابد الهندية، ولم أترك فرصة إلا وسألت أصدقائي بالهند عن الاختلافات بين كل هذه الأديان  التيلا تحصى . وعرفت أن بداخل الدين الواحد – على سبيل المثال الهندوسية-  تختلف القواعد والتقاليد في ممارسة الدين بين محافظة أو ولاية  وأخرى، ولا يتوقف الاختلاف عند هذا إنما يوجد اختلافات بين كل مجموعة أو أسرة وأخرى.

أديان بلا مواعظ

طرحت بعض الأسئلة على أحد الأصدقاء من الهند عن التربية الدينية : هل يوجد ساعات مخصصة للشبيبة والأطفال لدراسة الدين؟ وهل رئيس المعبد يقوم بإلقاء عظة أو خطبة أسبوعية للحاضرين؟  

وجاء الرد بالنفي، فلا توجد أوقات مخصصة للتعليم الديني ولا يقوم رئيس المعبد بالقاء أي خطبة في المعبد، إنما يتعلم الأطفال والشبيبة من الأسرة في المنزل طقوس ممارسة الدين، وفي عصر التكنولوجيا توجد لكل ديانة قنوات تلفزيونية ومن خلالها يتعلموا المؤمنين أمورالدين. وبالرغم من عدم التواصل المباشر بين رؤساء الأديان الهندية والمؤمنين إلا ان هذه الديانات أستمرت لآلاف السنيّن. والسبب في رأيي يعود لقوة العادات والتقاليد التي يقوم عليها المجتمع الهندي. وبالرغم أن أغلب هذه الديانات الهندية التي يصعب حصرها ليست ديانات سماوية، إلا ان جميع الاديان الهندية تحث على العيش بسلام والبحث عن السلام الداخلي من خلال التأملات واليوجا والأصوام ، ولقد وجدت أن أصحاب الديانات الهندية مُساَلمين يغلب عليهم الهدوء يهتمون بالأخر. إن بعض الأديان الهندية لا تحدث فقط على  حماية  النفس البشرية إنما الحيوانية أيضا، فيقدر عدد الاشخاص النباتيين بالهند ب 40٪ من عدد السكان الذي يزيد عن المليار و٢٠٠ مليون نسمة.

للتعايش أًسس  

لقد لمسني إحترام  الأشخاص بعضهم البعض ، نادرا ما ينظر شخص للآخر من منطلق الدين أو اللون أو الجنس. ويعود الفضل إلى المهاتما غاندي أب الدستور الذي أُسس للتعايش في المجتمع الهندي رغم تعدديته. فالدستور الهندي من أطول دساتير العالم وأضخمها لأنه يحتوي على  قوانيين مفصلة قابلة للتنفيذ لاغلب افراد الشعب.

تعد الهند ديمقراطية ليبرالية ناجحة إلى حد كبير، إلا أنها شهدت كذلك واحدة من أكثر حالات العنف الديني حدة، فالتاريخ الهندي يشهد حادثة تقسيم شبه القارة الهندية على أساس دينى، وبروز قضية كشمير كقضية متنازع عليها بين الهند وباكستان، وكان هذا التقسيم علامة على عجز ثقافتين أو حضارتين على التعايش معا، وهما الثقافة الإسلامية والثقافة الهندوسية ، بحسب وصف الزعيم محمد على جناح. ومع ذلك يتميز الإسلام في شبه القارة الهندية بتاريخ متغير، فقد تأثر بالتعددية الدينية في الهند، ومن ثم تكيف مع معطيات هذا المجتمع التعددي. هذا النمط من التكيف الديني سمح للجماعات المختلفة (بكل تناقضاتهم الداخلية) ليس فقط بممارسة أنماط حياتهم المتباينة، ولكن أيضاً لتوليد التآلف فيما بينهم.

و يرى كثيرون أن النزاع الديني في الهند لم ينشأ بسبب التنازع حول المجال العام أو حول اختلاف طرق الحياة حيث يغيب عن التاريخ الهندي أي حديث عن التعصب أو حالات اضطهاد الدولة لأي شخص بسبب معتقداته.

تقدم لنا الهند نموذجا واقعيا لإمكانية تعايش الأديان معا، ولقد قرأت دارسة هامة بهذا الصدد  للباحث العراقي سعد سلوم  بعنوان “العنف ومستقبل الدين في العالم المعاصر: نحو حوار يعزز التعددية الدينية”  فيحاول في دراسته إبرارز أهمية دعوات الحوار التي وفرت أسسا قوية لفهم أكبر للديانات المختلفة في محاولة لتعزيز مستقبل الدين ودوره في السلام العالمي. ويشير إلى أن الحوار بين الأديان لن يستطيع بمفرده حل المشاكل الأساسية، لكنه قد يكون الخطوة الأولى في الطريق الصحيح.

الهند شعب يعمل وعينه على المستقبل

بجانب التعديدة الدينية في الهند تجد أيضا فروقات واسعة بين الفقير والغني والمثقف والجاهل، ولكن لا يوجد تعدي من طرف على الاخر، إنما يظهر مبدأ الاحترام .فالشعب الهندي يتمييز بكفاحهه المستمر، كفاح يومي يتمثل في الحصول على وظيفة جيدة ، والذهاب للعمل وسط إزدحام  يفوق الوصف. أعمار العاملين الآن في الهند في مجال التكنولوجيا يتراوح بين ٢٥ و ٤٥ عام، وهذا يعني ان اغلب حديثي التخرج لديهم فرصة للحصول على عمل مناسب، والمتقاعدين بحسب القوانيين الهندية يمكنهم العمل الخاص بعض التقاعد.

الشعب الهندي بالفعل مكافح وهذا يرويه التاريخ والحاضر، فتحتل الهند الآن- بالرغم من نسبة الفقرالمرتفعة- المركز الثاني عالميا في البرمجة وتكنولوجيا المعلومات، وتحاول الهند جذب أكبر عدد من الشركات المستثمرة لدفع عَجَلة الاقتصاد للإمام، ومن ثم تستطيع البلاد تطوير البنية التحتية بالواردات والاستثمارات الأجنبية على أرضها.

  أعجبني إحترام الشعب للقوانين المتعلقة بالضريبة، فلم اتمكن من معرفة إذا كانت تعاليم الديانات الهندية  تحث المواطنين على دفع الضرائب أ م لا، إلا انني لاحظت وجود نظام واضح لتسديد الضرائب، و لا يحاول المواطن الهندي التهرب من تسديد الضرائب ، لان المواطن يثق في حكومته التي انتخابها للسعي لبناء مجتمع ومستقبل أفضل.

لقد كانت خبرتي في الهند إيجابية لذلك ذكرت أهم الخبرات الإيجابية التي عشتها خلال زيارتي للهند، وأتمنى أن يكون الدين  دافع إيجابي للمواطنين في كل المجتمعات، لأن الدين أسلوب حياة. عش ما تؤمن ، وأؤمن بما تعيش .

مراجع< /p>

 http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=95972&eid=289

http://www.onislam.net/arabic/newsanalysis/analysis-opinions/asia/122582-2010-01-13%2018-37-26.html

http://www.alarab.co.uk/?id=13499

Share this Entry

مايكل عادل أمين

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير