هل احتلّت الكنيسة محلّ الشعب اليهوديّ؟

هل ستأخذ الكنيسة المؤلّفة من وثنيين مكان اسرائيل؟

Share this Entry

يتألّم بولس الرسول حين يرى المسيحيّين من أصل يهوديّ، في كنائس السنوات 50 – 60 ، أقلّ عددًا من المسيحيّين من أصل وثنيّ، سيّما وأنّ أغلب اليهود لم يعترفوا بإنّ يسوع هو مسيحهم… فهل ستأخذ الكنيسة المؤلّفة من وثنيين مكان اسرائيل؟

هل فعلا، بسبب هذا الأمر، أنّ ذلك فشلاً لتاريخ اسرائيل برمّته، لا بل فشلاً لكلمة الله؟.

قبل كلّ شيء .. يجب أن نعرف أنّ هناك نوعان من شعب اسرائيل : في تاريخ اسرائيل ، غالبًا ما أقدمَ الله، بحريّته، على اختيارات: بين أبناء ابراهيم، اختار اسحق وليس اسماعيل، وبين أبناء اسحق، اختار يعقوب وليس عيسو … الخ . وهكذا الأنبياء : حين يُعلنون دينونة الله لاسرائيل، يتحدّثون في أغلب الأحيان عن ” بقيّة الشعب ” ، يواصل الله التاريخ بواسطتها (على سبيل المثال أش 10 : 19 – 22 ) . أما بالنسبة إلى بولس ، فهناكَ طريقتان للإنتماء إلى اسرائيل (روم 6 :6): إمّا بالإنحدار من نسل الآباء ، وهذا هو اسرائيل التاريخيّ _ بحسب الجسد في 1 قور 10 : 18 . وإمّا يكون الله قد اختار أناسًا ، من نسل الآباء ، ومكّنهم من عيش العهد بشكل ٍ تامّ .

تلك هي حالة اليهود الذين أصبحوا مسيحيّين ( اسرائيل الله – في غلاطية 6 : 16 أو المُختارين في 10 : 7 ) . نحنُ هنا بإزاء حالة تبدو متناقضة : “ ان الوثنيين الذين لم يسعوا إلى البرّ قد نالوا البرّ الذي هو من الإيمان ، في حين أنّ اسرائيل الذي كان يسعى إلى شريعة برّ ، لم يدرك هذه الشريعة . فاليهود يسعون إلى علاقة مع الله تؤدّي إلى الخلاص ، ولكنّهم لم يبلغوها قطّ . وهوّذا بولس ، يكتشفُ أنّ وثنيّين لم يبحثوا عنها ، ولكنّهم تلقّوا الإنجيل وراحوا يعيشون هذه العلاقة الصادقة مع الله . لذا فهو يؤكّد : “ غاية الشريعة هي المسيح ” . فالشريعةُ تقود إلى المسيح ؛ إنها تجد فيه ، وفي آن واحد ، غايتها وإكتمالها ، ولكن أيضا نهايتها وزوالها . ومنذئذ لن يعود الخلاص والبرّ مرتبطين البتّة بالأمانة على الشريعة ، بل الإيمان – وهو ثقة – بالمسيح : إذا شهدت بفمك أنّ يسوع ربّ ، وآمنت بقلبك أنّ الله أقامه من بين الأموات ، نلتَ الخلاص : رومة 10 : 9

وهنا ، يبتكرُ بولس الرسول استعارة ليفسّر الوضع ويعلن عن المستقبل . هناكَ زيتونتان : إحداهُما جيّدة تعطي زيتونا طيّبا ، وهو اسرائيل . والأخرى زيتونة بريّة لا تعطي ثمرًا : هم الوثنيون . بعد مجيء المسيح ، تجدُ الزيتونة الجيّدة نفسها أنها جُرّدت من كلّ أغصانها (غالبيّة اليهود الذين لم يعترفوا به ) ، ولم تحتفظ سوى بغصن واحد (اليهود الذين أصبحوا مسيحيين ) . وفي زمن بولس ، كانت هناك أغصان من الزيتونة البريّة قد طُعّمت على جروح الزيتونة الجيدة ؛ وبفضل نسغها ، استطاعت تلك الأغصان أن تعطي ثمرًا (الوثنيون الذين دخلوا في الكنيسة ) . إنها ليست سوى قطع مضافة ، ولا يحقّ لها أن تنسى أنها استفادت من نسغ الزيتونة الجيدة ) . أمّا الأغصان المقطوعة من الزيتونة الجيّدة ، فهي ملقاة ٌ دومًا على الارض ( وهم اليهود الذين رفضوا الإنجيل ) . ويعلن بولس بإنّ هذه الأغصان المقطوعة ، ستُطعّم يومًا ، هي أيضا ، على الساق الأصليّ ( رومة 11 : 24 ) . وفي إنتظار هذه العودة النهائيّة ، يبقى لاسرائيل دومًا دور يلعبه : ذلك أنه يعيش في العهد الأوّل ، بحسب الشريعة ، إذ ” لا رجعة في هبات الله ودعوته ” .. 11 : 29

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير