– التضامن بين الشباب هو أول لمحات التطور الفكري
– الشباب كفئة عمرية هم الأكثر عرضة للتغيرات الاقتصادية
الشباب هم عصب الحياة ، وهم مستقبل العالم القادم ، هم ديناميكيّة الحركة الدائميّة ، والتفاعل مع الواقع والفكر والحضارة ، وتقدّم العلوم التكنولوجية ، وعصر الأرقام والحاسوب والاتصالات بين العالم . الشباب هم مرونة الحياة واستباق ومذاق الآتي إلى الحاضر . طاقة فعّالة وميكانيكيّة الحركة والاستمرارية الحيويّة . الشباب ، هم نقاطٌ بيض متداخلة ومتشابكة في الواقع المتنوع الألوان ؛ تبرق وتشعّ حيويّة ونشاط . هم بذار المستقبل في طور التحقيق والنمو العضوي أولا، ثم الفكريّ والعاطفيّ والإبداع والإنتاج الدائم ، في سبيل تطوير ماكنة الحياة الكبيرة ، وتنشيط محرّكها الداخلي بالأمل والتحليق نحو الأعالي من دون ملل ، ولا كلل ، ولا ضجر أو كسل فكري ، أو تجمّد روحيّ في قوالب ثابتة ، ومفاهيم ، ومعلومات متخشّبة لا تتحرّك ؛ مثل النظريّات التي من دون تطبيق .
نحن اليوم في عالم التطوّر التكنولوجي السريع الخاطف ، فالعلوم النظريّة تحتاج إلى تفاعل أكثر مع العلوم التطبيقيّة، نحتاج إلى قراءة معاصرة للأفكار القديمة المستهلكة التي ورثناها من أجدادنا وأسلافنا ، وجعلها متماشية مع الواقع ، ولكن ، يجب أن لا نقع في التناقض المطلق ، ونغوص في الكآبة والكبت ؛ علينا الانفتاح على كلّ ما هو جديد في العالم، لأنه ، في كثير من الأوقات ، نشعر بالحيرة ونهرب بعيدًا لنروي عطشنا هنا وهناك في قضايا غريبة ومهلكة، في البدع والتيّارات الجديدة واشكال الـ (new age) التي تلعب دورًا كبيرًا في الشباب اليوم . يحتاج الشباب إلى تحليل ناقد لظواهر المجتمع، وأبعاد الكيان والوجود البشري ، التي غالبا ما أهملت في مجالات ثانوية محفورة، يحتاج إلى بُعد نظر حقيقيّ ، وأن لا يأخذ الأفكار والمعلومات فقط لمليء (خزان الدماغ) ، ويتباهى بها أمام الآخرين: أنا لديّ معلومات أكثر ! ، هذه المعلومات تبقى نظريّة ولا تذوب في الواقع المعاش ، ولا فائدة منها لخدمة الحياة والبشرية ، أو العائلة والأسرة . الفكر يجب أن يتحوّل إلى روح فعّال يتفاعل مع الأفكار الأخرى المطروحة ، ويدخل في مجالات وزوايا الكون الواسعة الممتدّة إلى الأفق البعيد ، لكي نحصل على صورة رائعة لعالمنا ، ولا نقع في الشلل العقليّ ، والجمود الفكريّ ، وضعف الإرادة.
سنتطرق في هذه الدراسة المتواضعة عن موضوع مهم ؛ يهمّ الشباب اليوم ، ونستطيع أن نقول ؛ إنه موضوع الساعة ، لأنه ، بالرغم من كلّ محاولاتنا وتساؤلاتنا إزاء هذا الموضوع ، نبقى على عتبة باب الحياة نتخبّط ونصاب بالدوار، ونفقد التوازن بسبب أيّ فكرة ، أو مفهوم ، أو هزّة عنيفة تضرب كياننا إن كانت هزّة ثقافيّة، اجتماعيّة، اقتصاديّة. وهنا سنتكلّم عن أمرين فقط هما (الثقافة والاقتصاد) ، وكيف يتأثر الشباب بهما، وما اللازم عمله إزاء هاتين العولمتين (إذا أردنا القول إنهما عولمتين ! ).