مَارْمَرْقُس كَارُوزُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ الكَارُوزُ المَسْكُونِيُّ

أتيت وأنرت علينا بواسطة إنجيلك الثمين ووضعت صورة إيمان الكنيسة في القرن الأول٬ وأخرجتنا من الظلمة إلى النور الحقيقي… 

Share this Entry

بددت الأوثان وشهدت لآلام المخلص بشهادة دمك٬ بعد أن تعذبت في شوارع مدينة الأسكندرية. صحيح أنهم عذبوك لكن بعد أن حطمت آلهتهم وأدخلت كثيرين منهم إلى حظيرة الإيمان… هم أطفأوا شعلة حياتك الأرضية ولكنك أشعلت نور شعلة الخلاص في المدينة العظمى الأسكندرية المُحبة للمسيح وفي كل الديار المصرية… حقًا لقد أتيت إلينا بنور المعرفة الحقيقية٬ وقد بدأت إنجيلك كأسد وصوت صارخ في البرية.

اختارك السيد الرب ودعاك وتلمَذك فاستضفته ودعوته في بيتك (علية صهيون) التي صارت باكورة لكل خدمة مسيحية في المسكونة كلها… بيتك أول كنيسة في العالم (أع ١٢ : ١٢) وقد عاينت أعمال الخلاص منذ بداياتها ملازمًا ومعاينًا لعظمته كل حين… كنت مع الذين يملأون الأجران في عرس قانا الجليل٬ ومع الجموع عند إشباع الخبز٬ وحضرت العشاء الأخير وتسلمت تعليم سر الإفخارستيا٬ وكنت من أقرب الشهود لحياة السيد الرب بعد أن اختارك مع السبعين رسولاً منذ البدء٬ فدُعيت عن حق وجدارة بالمعلم والرسول وناظر الإله.

أقمتَ بيتك الكبير الذي اتسع لكل الرسل والتلاميذ فكان موضع ضيافة وخدمة مسيحنا القدوس… حضرتَ كصاحب للعلية مع شركائك القديسين خدمة غسل الأرجل٬ وعاينت اتضاع المخلص الذي صار اتضاع حياتك وسيرتك… وتسلمتَ طقس تأسيس العهد الجديد واستقيت الدم الكريم من يد المخلص… وحضرت كل حوادث القبض على الفادي كشاهد عيان٬ إذ أن المسيح داس المعصرة في بستان جسثيماني بستانك المملوك لك.

اختارك وعيَّنك بعينه الفاحصة الطوباوية ليُظهر بك قوته ومجده وليُخزي بك الحكماء٬ أقامك لتذهب وتكرز وتأتي بثمر ويدوم ثمرك٬ فأخبرت به وشهدت للحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لك فتشبهت برئيس الحياة في العمل والإيمان ونشر سر إنجيل مجد المسيح بالغنى الذي لا يُستقصىَ الذي لرحمة الله.

رافقت السيد الرب في جولاته في المجامع حيث كان يعلِّم بسلطان ويشفي كل مرض وسقم في الشعب٬ وقد عاينت أمجاده وحياته وقد دعاك وكيلاً لأسراره وأرسلك بلا كيس ولا مذود وكان هو كنزك وفضتك وخبزك وطعامك وسندك٬ فأتيت إلينا إلى مصر حاملاً سراج الإنجيل٬ وألقيت شبكة الكرازة التي لا زالت مطروحة ويقوم الرب بملئها طوال زمان الدعوة والكرازة.

إنك من الخميرة الصغيرة التي خمَّرت العالم كله٬ وقد أُعطيت مفاتيح ملكوت السموات وبشرت بالسر العظيم الذي للخلاص بعد أن رأيت قيامة الرب ببراهين كثيرة وبعلامات مُلزِمة٬ وبعد أن نلت قوة الأعالي والمواهب وكل معرفة روحية كحسب وعد الله الصادق.

عاينت الآلام منذ بداياتها بعد أن أكل المسيح الفصح في بيتك٬ وبعد أن صلى المسيح في معصرة الزيتون التي كانت مزرعة معيشة أسرتك… فسجلت القبض والمحاكمة والآلام٬ وراقبت عن كثب الآلام الخلاصية حتى خشبة الصليب وعدت مكسور القلب ومعك العذراء مريم إلى العلية حتى رأيت الحي القائم من بين الأموات حيًا ممجدًا.

مكثت في العلية كوصية الرب ولم تفارقها مع التلاميذ وامتلأت من الروح القدس ونلت السلطان الرسولي وتكلمت بالروح وببرهان القوة٬ لذا جاء إنجيلك شهادة شاهد العيان والناقل للحق كما هو… حيًا ينبض بواقع الحياة وبسيرة التعليم السماوي. فيا لعظم بيتك أول كنيسة مسيحية في العالم٬ والذي شهد الفصح وغسل الأرجل والذي كان مكان اجتماع الرسل بعد الصلب وحل فيه الروح القدس يوم الخمسين.

أسست كنيسة مصر وصرت عامودها وبطريركها الأول ومبدد الأوثان فيها… عشت فيها وكرزت ودبرت خدمتها وأقمت لها الطغمات والرتب وصليت فيها قداسك الذي وضعته لخدمة الذبيحة المقدسة والذي نصليه حتى الآن… وبنيت الكنيسة المصرية يا رجل القوة والبأس وأسد الكرازة… لسانك عطر وفمك خزانة ملكية وريشة قلمك ذهبية وصوتك الحلو وقداسك نلهج به حتى الآن.

ألقيت البذار ورويتها فنمت كحبة الخردل حتى صارت شجرة كبيرة ومجيدة من أقاصيها إلى أقاصيها تضم من كل القطعان والشعوب٬ صبغت الكثيرين بالصبغة المقدسة واجتذبت كثيرين بشبكة الخلاص في وادي النيل وفي الخمس مدن الغربية محققًا نبوءة إقامة مذبحًا للرب في وسط أرض مصر وعامودًا عند تخومها٬ وأنشأت في الأسكندرية أول مدرسة لاهوتية في العالم.

ربطوك وعذبوك وسجنوك وجروك في شوارع الأسكندرية لكن المخلص شددك وعزاك أيها البشير الإنجيلي قبل أن يقطعوا رأسك فنلت الأكاليل وكان دمك أيها الكاروز باكورة دماء شهداء كنيستنا التي أفاضت البركة وبذار الإيمان… اذكر كرازتك في ربوع مصر واطلب من أجل مكروزيك كل حين يا ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول الطاهر والشهيد.

 

Share this Entry

القمص أثناسيوس جورج

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير