الجليل، الخميس 14 مايو 2009 (Zenit.org)- إذاعة الفاتيكان – لتقى البابا بندكتس السادس عشر بعد ظهر الخميس في دير الرهبان الفرنسيسكان في الناصرة رئيس الوزراء الإسرائيلي السيد بنيمين نتنياهو الذي تسلم منصب رئاسة الحكومة في الحادي والثلاثين من آذار مارس الفائت. وفي أعقاب اللقاء توجه الحبر الأعظم إلى قاعة الاستماع (الأوديتوريوم) التابعة لمزار البشارة في الناصرة، حيث كان له لقاء مع القادة الدينيين في الجليل بحضور النائب البطريركي للاتين في القدس المطران جاشينتو ماركوتسو.
وجه البابا كلمة للحاضرين قال فيها:
أيها الأصدقاء الأعزاء،
أود التعبير عن امتناني للكلمة الترحيبية التي وجهها المطران جاشينتو بولس ماركوتسو ولاستقبالكم الحار. أوجه تحية إلى قادة مختلف الجماعات الحاضرين هنا من مسيحيين، مسلمين، يهود، دروز وأشخاص دينيين آخرين.
إنها بركة خاصة لي أن أزور هذه المدينة المكرمة لدى المسيحيين لكونها المكان الذي بشر فيه الملاك العذراء مريم بأنها ستحمل طفلا من الروح القدس. وهنا أيضا تراءى الملاك في الحلم ليوسف خطيبها وطلب إليه أن يسمي الطفل “يسوع”. بعد هذه الأحداث الرائعة التي رافقت مولده اصطحب يوسف ومريم الطفل إلى هذه المدينة حيث “كان ينمو ويترعرع ويمتلئ� حكمة، وكانت نعمة الله عليه” (لوقا 2، 40).
الاقتناع بأن العالم هو عطية من عند الله وأن الله ولج أحداث التاريخ البشري هو التطلع الذي يرى من خلاله المسيحيون أن الخلق له دافع وهدف. وبما أن العالم ليس وليد حدث أعمى فقد شاءه الله ليشع مجده فيه.
في صميم كل تقليد ديني هناك اقتناع بأن السلام أيضا هبة من عند الله حتى ولو صعب الوصول إليه بدون جهد بشري. إن سلاما دائما يتأتى من الإقرار بأن العالم في نهاية المطاف ليس ملكنا إنما هو الأفق حيث دعينا للمشاركة في محبة الله والتعاون في توجيه العالم والتاريخ بوحي الله. ليس بوسعنا أن نفعل بالعالم ما نريد بل بالأحرى إننا مدعوون إلى تكييف خياراتنا وفقا للقوانين العجيبة التي وضعها الله الخالق في الكون وتصرفاتنا وفقا للمحبة الإلهية التي تسود ملكوت الخلق.
الجليل أرض معروفة بتعدديتها العرقية والدينية. إنها وطن شعب يعرف جيدا الجهود المطلوبة للعيش بانسجام وتناغم. وإن تقاليدنا الدينية المختلفة تحتوي على طاقات كبيرة في ما يتعلق بتعزيز ثقافة السلام وخصوصا عبر التعليم ونشر القيم الروحية الأكثر عمقا لإنسانيتنا المشتركة. إننا إذ ننمي قلوب الشباب إنما ننمي مستقبل البشرية ذاتها. فليتحد المسيحيون مع اليهود والمسلمين والدروز وأتباع الديانات الأخرى بالرغبة في حماية الأطفال من التعصب والعنف فيما يعدونهم ليكونوا بناة عالم أفضل.
أيها الأصدقاء الأعزاء، أعرف أنكم سترحبون بفرح وسلام بالحجاج الكثيرين الذين سيقصدون الجليل. أشجعكم على مواصلة هذا الاحترام المتبادل فيما تسعون للتخفيف من حدة التوترات المتعلقة بأماكن العبادة من خلال ضمان أجواء صافية للصلاة والتأمل هنا وفي الجليل كله. إنكم إذ تمثلون تقاليد دينية مختلفة، إنما تقاسمون الرغبة المشتركة في الإسهام بتحسين المجتمع، وبالتالي في الشهادة على القيم الدينية والروحية التي تساعد على تمتين الحياة العامة. أؤكد أن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة في هذه المهمة النبيلة. فمن خلال التعاون بين رجال ونساء ذوي إرادة طيبة تحاول الكنيسة العمل كي يسطع نور الحقيقة والسلام والطيبة على الجليل ويقود خطى الجميع في العالم كله كي يبحثوا عما هو قادر على تعزيز وحدة العائلة البشرية. فليبارككم الله!