كلمة رئيس الأساقفة إيتيروفيتش إلى سينودس الشرق الأوسط

“الأراضي المقدسة عزيزة على قلوب كل المسيحيين”

Share this Entry

حاضرة الفاتيكان، الثلاثاء 12 أكتوبر 2010 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي مقتطفات من التقرير الذي قدمه يوم أمس أمين عام سينودس الأساقفة، رئيس الأساقفة نيكولا إيتيروفيتش، في اليوم الأول لجمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الأوسط.

***

الأب الأقدس،

أصحاب النيافة والسيادة،

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

“انطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أريك. وأنا أجعلك أمة كبيرة وأباركك وأعظم اسمك وتكون بركة” (تك 12: 1، 2). أبرام الذي ولد في أور الكلدانيين سمع هذه الكلمات التي وجهها إليه الله في حاران. فاجتاز المنطقة وأقام قرب بلوطة مورة (تك 12، 6). من ثم خيم في الجنوب (تك 12، 9)، وهبط إلى مصر (تك 12: 10، 20)، وعاد إلى الجنوب، ومضى إلى بيت إيل (تك 13: 1، 2) وبعدها إلى أرض كنعان (تك 13، 12) حيث أقام في بلوط ممرا بحبرون (تك 13، 18). جعل الله عهداً مع خادمه أبرام الذي أصبح إبرهيم لأن مهمة استثنائية أوكلت إليه: “ها أنا أجعل عهدي معك وتكون أبا جمهور أمم. ولا يكون اسمك أبرام بعد بل يكون اسمك إبرهيم لأني جعلتك أبا جمهور أمم” (تك 17: 4، 5). والله الذي أدرك إيمان أبرام وبره (تك 15، 6)، قطع له وعداً ثلاثياً: ابناً وشعباً لا يحصى وأرضاً. ووعد إله إسرائيل لن يخيب أبداً، كما يشهد القديس بولس (رو 9: 1-11: 36).

“أنا هو الكائن!” (خر 3، 14) هي الكلمات المقدسة التي قالها الرب إله إبرهيم وإسحق ويعقوب، الذي ظهر على جبل حوريب في العليقة المشتعلة التي توقدت بالنار لكنها لم تحترق. هذه الكلمات وجهت إلى موسى ليظهر اسمه القدوس ويوكل إلى موسى مهمة تحرير شعبه من العبودية في مصر: “إني قد نظرت إلى مذلة شعبي الذين بمصر وسمعت صراخهم من قبل مسخريهم وعلمت بكربهم[…] تعال أبعثك إلى فرعون وأخرج شعبي بني إسرائيل من مصر” (خر 3: 7، 10). بالتقوي بنعمة إله إبرهيم وإسحق ويعقوب، تغلب موسى على مصاعب عديدة وأرشد العبرانيين عبر البحر الأحمر والصحراء إلى أرض الميعاد التي كان قادراً على رؤيتها فقط من “جبل نبو الذي في أرض موآب تجاه أريحا” (تث 32، 49) حيث مات ودفن “تجاه بيت فغور” (تث 34، 6). من خلال صاحبه موسى (خر 33، 11)، أقام الله عهداً مع الشعب المختار على جبل سيناء. إن سمع الشعب صوت يهوه واحترموا شريعته، فسيكونون له “مملكة أحبار وشعباً مقدساً” (خر 19، 6). لقد أوكل الله الشعب المختار بـ “عشر كلمات” هي الوصايا العشر التي كانت شروط العهد وأساسه (خر 20، 24).

“الحق الحق أقول لكم: إنني كائن من قبل أن يكون إبرهيم” (يو 8، 58). في مناقشته مع اليهود في هيكل أورشليم، أشار يسوع إلى الإسم الإلهي الذي كُشف لموسى (خر 33، 14)، معلناً ضمنياً بأنه الله الذي ولد في بيت لحم ليخلص البشرية (لو 1: 4-14). “أبوكم إبرهيم ابتهج لرجائه أن يرى يومي، فرآه وفرح” (يو 8، 56). كذلك، يستخدم لنفسه “يسوع المسيح ابن داود ابن إبرهيم” (مت 1، 1) عبارة “يوم الرب” التي كانت مخصصة في العهد القديم لله وحده مسمياً نفسه الهدف الحقيقي من الوعد الذي قطع لإبرهيم والفرح الذي يختبره في ولادة ابنه إسحق (تك 12: 1، 3).

بعد ثلاثين سنة من حياته الخفية في الناصرة، كان ينبغي على يسوع أن يشير إلى علاقته مع النبي العظيم موسى خلال تبشيره في منطقة الجليل (مت 4، 23) وتنقله في “المدن والقرى كلها” (مت 9، 35). في بداية حياته العامة، وفيما كان يسير على ضفاف بحيرة طبريا، دعا التلاميذ الذين كانوا مقتنعين بأنهم وجدوا “الذي كتب عنه موسى في الشريعة، والأنبياء في كتبهم – وهو يسوع ابن يوسف من الناصرة” (يو 1، 45). تأكدت قناعتهم على جبل طابور عندما راح “رجلان يتحدثان معه، وهما موسى وإيليا، وقد ظهرا بمجد وتكلما عن رحيله الذي كان على وشك إتمامه في أورشليم” (لو 9: 30، 31). وفي مناقشته مع إخوته اليهود في هيكل أورشليم، يشير يسوع مجدداً إلى شهادة موسى: “فلو كنتم صدقتم موسى، لكنتم صدقتموني، لأنه هو كتب عني” (يو 5، 46). يلخص يوحنا الإنجيلي إسهام الاثنين في تاريخ الخلاص بالكلمات التالية: “لأن الشريعة أعطيت على يد موسى؛ أما النعمة والحق فقد تواجدا بيسوع المسيح” (يو 1، 17).

هذه الأقوال الموجزة المأخوذة من العهدين القديم والجديد تظهر أهمية منطقة الشرق الأوسط الجغرافية لكل المسيحيين، وبخاصة للذين يعيشون في الأراضي المقدسة، الأراضي التي قدسها يسوع بولادته في بيت لحم، وهربه إلى مصر، وحياته الخفية في الناصرة، وتبشيره في الجليل والسامرة واليهودية، والتي رافقتها علامات وعجائب منها أولاً آلامه وموته وقيامته في مدينة أورشليم المقدسة. إن أحداث تاريخ الخلاص التي وقعت في الشرق الأوسط ما تزال حية في قلوب سكان المنطقة وبخاصة المسيحيين منهم. ففيها، يمكن التحدث عن استمرار شعوب الكتاب المقدس اليوم. ونتيجة لذلك، تبقى الأحداث التي حصلت قبل قرون عدة حية ليس فقط من خلال قوة كلمة الله التي هي دوماً حية وفعالة (عب 4، 12)، وإنما أيضاً من خلال العلاقة الأساسية لهذه الشعوب بهذه الأراضي التي قدسها حضور الله الذي أظهر نفسه في ملء الزمان (عب 9، 26) في ابنه المولود الوحيد، يسوع المسيح. إن كانت “شعوب الكتاب المقدس” موجودة حالياً، فهكذا هم أيضاً “أساقفة الكتاب المقدس” بالإشارة إلى الأماكن التي يمارسون فيها نشاطهم الرعوي. هناك رعاة مماثلون كثيرون في هذه الجمعية السينودسية التي تضم كل أساقفة الأقاليم الكنسية المئة والواحدة في الشرق الأوسط الذين أوجه لهم تحية خاصة. ونضيف إلى هؤلاء الرعاة، الأساقفة الثلاث والعشرين من الشتات الذين يغذون باهتمامهم الرعوي إيمان الذين هاجروا من الشرق الأوسط إلى مختلف أنحاء الع
الم.

ومن المؤكد أن جميع الأساقفة هم “أساقفة الكتاب المقدس”. وإضافة إلى الأساقفة من الأماكن الجغرافية المذكورة في الكتاب المقدس، هناك أيضاً “أساقفة الشركة البيبلية”. فحضور الممثلين من القارات الخمس يظهر بوضوح اهتمام العالم المسيحي أجمع بالكنيسة الكاثوليكية الحاجّة في الشرق الأوسط. ونضيف إلى هذه الجماعة 19 أسقفاً من البلدان المجاورة أو المعنيين بخاصة بتقديم المساعدة الروحية والمادية لإخوتهم وأخواتهم في الأراضي المقدسة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير