العراق: "هجمة" كنيسة سيدة النجاة على ضوء لقاء أسيزي

بقلم روبير شعيب

Share this Entry

الفاتيكان، الأربعاء 2 نوفمبر 2011 (Zenit.org). – مر عام على أحداث كنيسة سيدة المعونة الدائمة في بغداد والتي راح ضحيتها، مع “ضحية” القداس الإلهي في 30 أكتوبر 2010، أكثر من خمسين بريئًا مسيحيًا سفكت دماءهم بربرية عمياء لن نفرط في استنكارها.

يأتي التذكار بعد أيام قليلة من لقاء الأديان في أسيزي، لقاء أراده البابا – على خطى الطوباوي يوحنا بولس الثاني – لا للعمل على خلط بين الأديان والمعتقدات، كما وكأن لسان الحال هو: “كل من عا دينو الله يعينو، كل الأديان متل بعضا”. لقد أراده صاحب القداسة لقناعته بأن الأديان على اختلافها، تستطيع أن تتشارك في ما بينها “كلمة سواء”. كنه لقاء أسيزي هو ما عبّر عنه الطوباوي البابا يوحنا الثالث والعشرون في حديثه عن الحوار المسكوني كجهد لرؤية ما يجمعنا والذي هو أكبر مما يفرقنا. نعم هناك فروقات بين الأديان، ولكن هناك نقاط التقاء، ويجب أن نعيش بشرية تديننا انطلاقًا من هذه النقاط.

ما الربط بين هذين الحدثين، بين أسيزي الحوار وبين كاتدرائية الدمار؟ الرابط هو دماء هؤلاء الشهداء الذين لطالما رفضوا منطق الكره والعنف والانتقام، وتمسكوا بتعليم المسيح، ذلك التعليم الذي يصعب تطبيقه تحت وقع مسامير الصالبين وصواريخ الإرهابيين. يصعب، ولكن لا يستحيل، ومسيحيو العراق يشهدون لقوة محبة المسيح العاملة في قلوب المؤمنين.

إلا أن هناك ربط آخر. فعنوان لقاء أسيزي تضمن ربطًا بين المسالمة والحقيقة. فحجاج السلام الديني هم في الوقت عينه حجاج نحو الحقيقة. الحقيقة تفرض على السلطات العراقية واجب التنقيب عن الحقيقة، لا لصالح الأقلية المسيحية وحسب، بل لصالح الدولة عينها. فدولة القانون لن تتذوق السلام ما لم تعانق الحقيقة. وذلك، لا لأن المسيحيين سيقومون بأعمال إرهابية. حاشا. بل لأن الرياء والتستير هو سم قاتل وعنصر مدمر يمزق قماش المجتمع ويعزز بنى الخطيئة. تلك الخطيئة الكبرى التي هي القتل باسم رب الحياة الرحمن الرحيم.

 ولكن خيانة الإرهاب الكبرى ليست نحو المجتمع، بل هو نحو الدين بالذات. وقد عبّر بندكتس السادس عشر عن هذا بشكل واضح في خطابه إلى رؤساء مختلف الجماعات الدينية في أسيزي، نهار الخميس الماضي، عندما وصف الإرهاب بـ “عدو الدين الجديد”، وذلك لأنه يعادي المبادئ الدينية التي تدعو إلى الرحمة، المصالحة والأخوة.

في هذا اليوم الذي نذكر فيه موتانا المؤمنين، نتوجه إلى إخوتنا الشهداء، لا كموتى يحتاجون إلى صلاتنا، بل كشهداء نطلب شفاعتهم. نطلبها قبل كل شيء لقتلتهم. فقناعتنا أن الشهداء ينظرون إلى العالم بعيون المسيح ومشاعره: “يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”. نصلي لأجل الأمن والسلام، لأجل أمن العراق، أمن الشرق، لأجل اللقاء والحوار في العدل والحقيقة وقدرة الغفران، لأنه، كما أدرك بعمق يوحنا بولس الثاني: “ما من سلام من دون عدالة، ولكن ما من عدالة من دون غفران”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير