بقلم روبير شعيب
باريس، السبت 13 سبتمبر 2008 (Zenit.org). – توقف الأب الأقدس في عظته في ساحة “إنفاليد” في باريس اليوم السبت على تحريض القديس بولس في الرسالة الأولى إلى الكورنثيين: “اهربوا من عبادة الأوثان” (10، 14). في ذلك الحين كان الهرب من الأوثان يعني “عدم تكريم آلهة الأوليمب”، و “التتلمذ لأنبياء العهد القديم الذين كانوا يستنكرون الميل البشري إلى صياغة تصويرات مغلوطة لله”.
وشرح البابا أن هذا التحريض يحافظ على آنيته وتساءل: “ألم يخلق العالم المعاصر آلهته؟ ألم يقلد دون علمه وثنيي العصور الماضية، محولاً الإنسان بعيدًا عن غايته الحقة، وعن طوباوية العيش الأبدي مع الله؟”
وأوضح أن كلمة “وثن” تعني باليونانية “تصوير”، ولكن أيضًا “مرآة”، “وهم”، “خيال”. الوثن هو “خدعة” لأنه يبعد من يخدمه عن الواقع ويرميه في “ملكوت المظاهر”. وأشار إلى أن بولس الرسول يعتبر “الجشع الذي لا يرتوي” نوعًا من عبودية الأوثان (راجع 1كور 3، 5)، ويذكر تلميذه تيموثاوس أن حب المال هو أصل كل الشرور (اتيم 6، 10).
العقلانية والهرب من الأصنام
ثم لفت أن السؤال الذي تطرحه علينا الليتورجية يجد جوابه في هذه الليتورجية عينها، وذلك من خلال تعليق القديس يوحنا فم الذهب على كلام القديس بولس، حيث يعتبر عبودية الأوثان مثل “آفة الطاعون”، ولكنه يضيف مباشرةً ويقول أن إدانة عبادة الأوثان لا تعني بأي شكل إدانة عابد الأوثان. يجب ألا نخلط أبدًا في حكمنا بين الخطيئة التي ينبغي رفضها، وبين الخاطئ الذي لا يمكننا أن نحكم على حالة ضميره والذي يستطيع أن يتوب في أي وقت. ولذا يدعو بولس قراءه إلى الرجوع إلى العقل.
وقال الباب في هذا الصدد: “الله لا يطلب أبدًا من الإنسان أن يضحي بعقله! العقل لا يدخل أبدًا بتناقض حقيقي مع الإيمان! فالله الأوحد، الآب، الابن والروح القدس خلق عقلنا وهو يمنحنا الإيمان ويعرضه على حريتنا لكي تقبله كهبة ثمينة”.
“عبادة الأوثان هي التي تبعد الإنسان عن هذه النظرة، والعقل نفسه يستطيع أن يصوغ أوثانه”.
السبل إلى الله
وتساءل البابا عن كيفية توصلنا إلى الله، وأجاب انطلاقًا من القديس بولس الذي يدعونا لا إلى استعمال العقل وحسب، بل أيضًا إلى الارتكاز على الإيمان للوصول إلى الله. والإيمان يعلمنا أن الخبز الذي نكسره هو شركة في جسد المسيح، وكأس الشكران هو شركة في دم المسيح.
ولذا دعا الأب الأقدس المؤمنين إلى تكريم سر جسد ودم الرب خير تكريم. “رفع كأس الخلاص والدعاء باسم الرب” هو السبيل الأفضل للهرب من الأصنام.