الرابع عشر من سبتمبر
روما، الأحد 14 سبتمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الرابع عشر من سبتمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
ارتفاع الصليب
هناك ناحية رهيبة من الصليب لا يجب أن نزيلها أبدًا… يجب أن نخاف من أنفسنا لدى رؤيتنا أن أطهر البشر، الذي كان أكثر من بشر، يُحكم عليه بهذا الشكل الشنيع. يجب أن نخاف أيضًا من ذواتنا ومن رضانا عن ذواتنا. وهنا أعتقد أن لوثر كان على حق عندما قال أن على الإنسان أولاً أن يخاف من ذاته إذا ما أراد أن يجد السبيل السوي. ولكن الصليب لا يقتصر على أن يكون موضوعًا رهيبًا؛ ليس الصليب واقعًا رهيبًا وحسب لأن الذي ينظر إلينا من على الصليب ليس رجلاً يائسًا أو فاشلاً، وليس ضحية من ضحايا البشرية الرهيبين. فذلك الرجل المصلوب يقول أمرًا مغايرًا عن سبارتاكوس ومشيعيه الفاشلين، لأن الذي ينظر إلينا من أعالي الصليب هو الصلاح الذي يفسح أمامنا بداية جديدة في وسط رعب الحياة. صلاح الله بالذات يرنو إلينا، الله الذي يسلم ذاته في أيدينا، ويقدم ذاته لنا، ويحمل كامل رعب التاريخ معنا. إذا ما نظرنا بالعمق إلى هذه العلامة التي ترغمنا على النظر إلى خطورة الإنسان وإلى أعماله المشينة، نرى أنها تدفعنا إلى النظر نحو الله الذي هو أقوى، أقوى من ضعفنا، ونرى أن الله يحبنا حقًا. الصليب هو بهذا المعنى علامة غفران تحمل الرجاء إلى غمر التاريخ… قد صُلب الرب وهو يقول لنا بأن الله الذي يبدو ضعيفًا للغاية ظاهريًا هو الإله الذي يغفر لنا بشكل لا يوصف، هو الله الأقوى في غيابه الظاهر.