لورد، الاثنين 15 سبتمبر 2008 (Zenit.org). – عن إذاعة الفاتيكان – في لقاء تميز بالودّ والصراحة، اجتمع البابا بندكتس الـ16 عصر أمس الأحد في لورد إلى أساقفة فرنسا يتقدمهم الكاردينال أندره فان تروا رئيس أساقفة باريس ورئيس مجلس أساقفة البلاد، الذي وجّه كلمة وجيزة إلى الحبر الأعظم سطر فيها مواجهة أحبار الكنيسة الفرنسية تحديات جسام في رسالتهم التبشيرية نحو أناس اليوم، مشيرا إلى تفكك العائلات والمصاعب التربوية وأزمة نقل القيم والقناعات وانتهاكات الكرامة البشرية في المجال الاجتماعي الاقتصادي كما في تطبيق تقنيات البحوث العلمية وفي احترام الحياة منذ اللحظة الأولى لتكوينها وحتى نهايتها الطبيعية.
وختم الكاردينال فان تروا بالقول إن أساقفة فرنسا لن يستسلموا مطلقا للضغوطات ولن يركعوا تحت ثقل الأحمال لأن رسالتهم هي عمل الروح القدس، روح الله ذاته، كما أعرب عن أمانة الأساقفة جميعهم ووحدتهم التامة مع خليفة بطرس وشركتهم العميقة معه ومع الرب يسوع المسيح.
تحدث بندكتس الـ16 إلى الأساقفة بإسهاب عن مواضيع مختلفة ومسائل وأزمات عديدة تواجه الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا، شأن أزمة الدعوات الكهنوتية فحث الشباب على تلبية دعوة الله لهم، وتطرق إلى دور الكهنة وخدمتهم الضرورية فلا يقدروا على توكيل أحد من العلمانيين لإقامة القداس وإتمام واجباتهم الكهنوتية الخاصة بهم، ثم سطر أهمية المصالحة والسلام في قلوب الكهنة والمؤمنين الذين يحبون القداس باللغة اللاتينية بعد سماح البابا لهم بذلك: “على الكل أن يشعر بأنه في بيته”.
وتحدث الحبر الأعظم عن قلقه إزاء الزوابع التي تهدد العائلة في إشارة إلى الشرائع والقوانين التي تُسنّ تناسبا وعادات بعض الأفراد والمجموعات ومطالبهم الشخصية التي لا تعزز خير المجتمع المشترك، مسطرا أن العائلة أو الأسرة هي القاعدة التي يرتكز إليها المجتمع كله. وشدد على وحدة الزواج القائم بين رجل وامرأة وعلى إنجاب البنين وهو سرّ مقدس غير قابل للانحلال، رافضا المبادرات الرامية إلى مباركة زواجات غير شرعية، المنتشرة في بعض الرعايا الفرنسية ومؤكدا في الآن معا عطفَ الكنيسة الكبير تجاه الذين تزوجوا مرة ثانية بعد طلاقهم.
وللشباب حصة في خطاب البابا إذ دعاهم إلى عدم الانجرار وراء التساهل الأخلاقي الذي يدغدغ الأحاسيس والغرائز الدفينة ولا يهب سعادة على الإطلاق.
كما شدد على جذور فرنسا المسيحية إذ لا يجوز أن تفقد الأمم أو تغيِّب ما يشكل خاصية هويتها، ودعا البابا إلى تعاون سليم بين الدولة والكنيسة قائم على وعي واحترام استقلالية وسيادة كل منهما لأن الإدعاءات الاجتماعية السياسية والعداوة والحذر القديم بينهما، بدأت كلها تتلاشى..
ولأن الجهل هدّام ومدمّر فيجب على الحوار المسكوني والديني، قال البابا، أن يفضي إلى المحبة والحقيقة والالتزام في سبيل معرفة متبادلة، كما يجب أن ينطلق من تمييز الهوية الخاصة بكل جهة ولا تكفي النوايا الحسنة.
وعرض بندكتس الـ16 فكرة شاملة عن المجتمع الحالي المعولم والمتعدد الثقافات والديانات فاعتبر هذا المجتمع “سانحة يهبها الرب لنا كي نعلن الحقيقة ونمارس المحبة للتقرب من كل كائن بشري من دون تفرقة وأبعد من حدود الكنيسة المرئية.
وسطر الأب الأقدس في ختام خطابه إلى أساقفة فرنسا مؤكدا على أن فرنسا بحاجة إلى تحرير روحي حقيقي بعدما تحررت من نير النازية، لأن الإنسان يسعى دوما للتخلص من مخاوفه والتحرر من خطاياه. وعلى الإنسان أن يعلم يقينا أن الله هو خالقه الكلي الصلاح وليس عدوا له.