الفاتيكان، الجمعة 19 سبتمبر 2008 (Zenit.org). – ننشر في ما يلي الرسالة التي وجهها المجلس الحبري للحوار بين الأديان إلى المسلمين تهنئة بختام شهر رمضان بعنوان: “معًا، مسيحيين ومسلمين، من أجل كرامة العائلة”
* * *
“معًا، مسيحيين ومسلمين، من أجل كرامة العائلة”
أيها الأصدقاء المسلمون الأعزاء،
1. يطيب لي، مع قرب ختام شهر رمضان، أن أقدّم لكم من القلب تهاني المجلس البابوي للحوار بين الأديان عملاً بتقليد بات اليوم راسخًا. خلال هذا الشهر، شاطركم مسيحيون مقرّبون منكم تأملاتكم واحتفالاتكم العائلية، وتوطّدت بذلك، والحمد لله، أواصر الحوار والودّ.
2. ويُتيح لنا هذا الموعد الودّي ، كما في الماضي، أن نتأمل معًا في موضوع راهن من شأنه إثراء وجهات نظرنا المتبادلة ومساعدتنا على التعارف بشكل أفضل، إن في قيمنا المشتركة أو في تبايناتنا. ولقد ارتأينا، لهذه السنة، أن نقترح عليكم موضوع العائلة.
3. تؤكد إحدى وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، فرح ورجاء، وهي حول الكنيسة في عالم اليوم، ما يلي: “إن عافية الإنسان والمجتمع، البشري منه والمسيحي، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسلامة وضع الجماعة الزوجية والعائلية. لذا فإن المسيحيين، في اتحاد مع جميع الذين يخصّون هذه الجماعة ببالغ التقدير، يبتهجون خالص الابتهاج لمختلف أشكال الدعم التي ترتقي بالبشر في عالم اليوم نحو تعزيز جماعة الحب هذه واحترام الحياة، والتي تعين الأزواج والوالدين في رسالتهم السامية. وهم فوق ذلك يرتجون منها فوائد أعظم ويجتهدون في إبرازها” (عدد 47).
4. تذكّرنا هذه الكلمات على نحو مناسب بأن تطوّر الانسان والمجتمع مرتبط إلى حدّ بعيد بسلامة وضع الجماعة الزوجية والعائلية. فكم وكم من البشر هم مثخنون، مدى العمر أحيانًا، بجراح وضع عائلي صعب أو مأسوي؟ وكم وكم من البشر يغرقون في لُجّة المخدّرات أو العنف سعيًا وراء التعويض سدًى عن طفولة أليمة؟ إنه لَفي وسعنا ولَمِن واجبنا، نحن المسيحيين والمسلمين، أن نعمل متكافلين على صون كرامة العائلة، حاضرًا ومستقبلاً.
5. لقد سنحت لنا مناسبات عدة للتعاون في هذا المجال، على الصعيدين المحلي والعالمي، وذلك بأوفر سهولة نظرًا إلى الاحترام الرفيع الذي يوليه المسيحيون والمسيحيون للعائلة. إن العائلة، بصفتها محل تلاقٍ وتناقلٍ للحب والحياة، ولاحترام الآخر وحسن الضيافة، هي حقًا “خلية المجتمع الأساسية”.
6. لا يجوز للمسيحيين والمسلمين أن يترددوا في الالتزام، لا بمساعدة العائلات الواقعة في ضيق فحسب، بل بالتآزر مع كل الغيارى من أجل تعزيز ثبات المؤسسة العائلية وممارسة المسؤولية الأبوية، لا سيما على الصعيد التربوي. وليس من النافل التذكير ههنا بأن العائلة هي المدرسة الأولى في تعلّم احترام الآخر، في هويته وفي اختلافه. لذا فإن الحوار بين الأديان وممارسة الموطنية لا يسعهما إلا أن يستدِرّا منها النفع.
7. أيها الأصدقاء، مع ختام صيامكم ومع تطهّركم وتجدّدكم بالشعائر الغالية على دينكم، ألا فلتنعموا مع أسركم وأحبائكم بحياة هانئة ومزدهرة! وليغمركم الله العليّ جميعًا بفيض رحمته وسلامه!
الكاردينال جانـ لويس توران
الرئيس
رئيس الأساقفة بيير لويجي شيلاتا
أمين السر
جميع الحقوق محفوظة لدار النشر الفاتيكانية