الحادي والعشرون من سبتمبر
روما، الأحد 21 سبتمبر 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم الحادي والعشرين من سبتمبر للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الاستسلام إلى الله
بكلمة نظن أن الشر هو خير بالعمق، وأننا بحاجة إليه، ولو قليلًا، لكي نختبر ملء الوجود. نظن أن بعض المساومة مع الشر، واستبقاء بعضًا من حريتنا ضد الله، هو بالعمق أمر جيد، لا بل حتى ضروري. الإنسان الذي يستسلم بالكلية إلى الله لا يضحي ألعوبة، أو “رجل نَعَم” ممل. بل وحده الإنسان الذي يسلم ذاته بالكلية إلى الله يجد الحرية الحقة، وعظم حرية الخير وسعتها لخلاقة. الإنسان الذي يلتفت إلى الله لا ينتقص بل يتعظم، لأنه في الله ومعه يضحي الإنسان عظيمًا، يتأله، ويضحي ذاته حقًا. من يضع نفسه في يدي الله لا يبعد نفسه عن الآخرين، ويستفرد بخلاص خاص؛ بل على العكس، عندها فقط يستيقظ القلب حقًا ويضحي حساسًا، وبالتالي محبًا ومنفتحًا. بقدر ما يقترب الإنسان من الله، بقدر ذلك يضحي قريبًا من الناس. نرى هذا الأمر في مريم. فبما أنها بكليتها مع الله، هي قريبة من البشر. ولهذا السبب تستطيع أن تكون أم كل تعزية وكل معونة، أمًا يستطيع أن نتوجه إليها في كل الحاجات، في الضعف وفي الخطيئة، لأنها تتفهم كل شيء ولأنها القدرة الخلاقة المنفتحة على الجميع. وعليه، نرى أن صورة الأم الحزينة، صورة الأم التي تتقاسم آلامها وحبها، هي أيضًا صورة حقة للحبل بلا دنس. فلقد اتسع قلبها عبر كينونتها وشعورها مع الله. وفيها صار صلاح الله قريبًا جدًا منا.