بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الأربعاء 10 سبتمبر 2008 (Zenit.org). – تحدث الأب الأقدس بندكتس السادس في معرض المقابلة العامة لهذا الأربعاء عن خبرة القديس بولس كرسول، وتطرق في معرض تعليمه إلى مفهوم القديس بولس بهذا الشأن موضحًا إلى أن رسائل القديس، تشير إلى 3 خصائص أساسية تميز الرسول.

رؤية الرب

وشرح البابا إلى أن الخاصية الأولى هي أن يكون قد "رأى الرب" (راجع 1كور 9،1)، أي "أن يكون قد التقى به في لحظة معينة من حياته".

فالرب هو الذي يؤلف "جوهر الرسولية" و "الرسول لا يخلق ذاته بذاته، بل هو كذلك بفضل عمل الرب؛ وبالتالي، فالرسول يحتاج إلى أن يرتبط باستمرار بالرب. ولهذا السبب يقول بولس أنه "دعي ليكون رسولاً" (رو 1، 1)، أي " لا مِن قِبَلِ النَّاس ولا بِمَشيئَةِ إِنسان، بل بِمَشيئَةِ يسوعَ المسيح واللهِ الآبِ الّذي أَقامَه مِن بَينِ الأَموات" (غلا 1، 1).

الانطلاق للتبشير بمبادرة من الرب

أما الميزة الثانية فهي أن "يكون قد أُرسل". وشرح البابا في هذا الإطار أن الكلمة اليونانية "apóstolos" تعني "المرسل، المبعوث"، أي السفير وحامل الرسالة؛ ولذا "يجب عليه إذًا أن يتصرف كوكيل وممثل الذي يرسله". ولهذا السبب يعرف بولس نفسه بـ "رسول يسوع المسيح" (1كور 1، 1؛ 2كور 1، 1)، أي وكيله، القائم على خدمته بالكامل، لدرجة أنه يسمي ذاته أيضًا "خادم يسوع المسيح" (رو 1، 1).

ولفت بندكتس السادس عشر أن في هذا الإطار "تظهر مرة أخرى إلى العلن فكرة مبادرة آخر، مبادرة الله في المسيح يسوع، الذي يعتمد عليه كل الأمر؛ ولكن بشكل خاص يتم تسليط الضوء على أن الرسالة هي من الرب، وأنه يجب إكمالها باسمه، واعتبار كل اهتمام ذاتي ثانويًا بشكل مطلق".

التبشير بالإنجيل

الخاصية الثالثة هي عيش "التبشير بالإنجيل"، عبر تأسيس الكنائس الذي ينتج عن ذلك.

وشدد البابا في هذا الصدد أن "لقب ‘رسول‘ ليس لقبًا فخريًا، ولا يمكن أن يكون كذلك. فهو يلزم بشكل عملي وحتى دراماتيكي كل وجود الشخص المقصود".

وبالحديث عن هذه المهمة الرسولية يقول بولس في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس: " أَنتُم رِسالَتُنا... رِسالَةٌ مِنَ المسيح، أُنشِئَت عن يَدِنا، ولم تُكتَبْ بِالحِبْر، بل بِرُوحِ اللهِ الحَيّ" (3، 2 – 3).

تماثل بين البشرى والمبشِّر

إلى جانب هذه الخاصيات الأساسية تحدث الأب الأقدس عن عنصر آخر يميز الرسول الحق، وقد ألقى بولس الضوء عليه بشكل جيد، وهو "نوع من التماثل بين الإنجيل والمبشر، فكلاهما يتقاسمان المصير عينه".

وتابع الأب الأقدس: "ما من أحد مثل بولس قد أظهر كيف أن التبشير بصليب المسيح يظهر كـ "عثار وحماقة" (1كور 1، 23)، ويواجهه الكثيرون بعدم الفهم والرفض. هذا الأمر كان يحدث في ذلك الزمان، ولا يجب أن يدهشنا إذا ما حدث في أيامنا أيضًا".

الرسل: خدام الفرح

وفي ختام التعليم توقف البابا على الأبوة والأمومة التي عاشها بولس نحو الكنائس، أبوة وأمومة عاشها في خدمة مستمرة وكاملة: "لقد وهب القديس بولس وجوده بأسره للإنجيل؛ يمكننا أن نقول 24 على 24 ساعة! وكان يقوم بخدمته بأمانة وفرح، " لأَخَلّصَ أحدًا ما مَهْما يَكُنِ الأَمْر" (1كور 9، 22). ومع الكنائس، رغم أنه يعي بأنه يرتبط بها بعلاقة أبوة (راجع 1كور 4، 15)، لا بل حتى أمومة (راجع غلا 4، 19)، كان يتصرف انطلاقًا من موقف خدمة كاملة، مصرحًا بشكل جدير بالإعجاب: " لا كأَنَّنا نُريدُ التَّحَكُّمَ في إِيمانِكم، بل نَحنُ نُساهِمُ في فَرَحِكُم" (2كور 1، 24)".

وختم الأب الأقدس ملخصًا: "هذه رسالة رسل المسيح في كل العصور: أن يسهموا في الفرح الحق".