عظة البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير

بكركي،الأحد 5 يوليو 2009  (Zenit.org). – ننشر في ما يلي العظة التي تلاها البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير أثناء القداس الاحتفالي الذي ترأسه في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي. وقد كرس عظة اليوم لسيرة البطريرك اسطفان الدويهي وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لإعلانه مكرمًا.

* * *

“من هو بار فليتبرر بعد، ومن هو قديس فليتقدّس بعد”

هذه هي المرّة الثانية التي نحتفل فيها باعلان البطريرك مار اسطفان الدويهي الأهدني مكرّما، بعد أن أعلنه مندوب قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر رسميا السنة الفائتة. وهذه مناسبة لنستذكر فيها مراحل حياة هذا البطريرك المكرّم، لعلّنا نقتفي آثاره في السعي وراء القداسـة ، وهي الخير الأبقى في الدارين. والقداسة يجب أن تكون هدف المؤمن، ولكن الانسان ما دام حيّا على وجه الأرض فهو معرّض للخطيئة، ولا يستقرّ الا في الله مدى الأبدية، أذا كان في عداد الصالحين، المتقّين. وقد قال سفر الرؤيا:” من هو بار فليتبرّر بعد، ومن هو قديس، فليتقدّس بعد.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

وإنّا نرحّب بابنائنا، أبناء زغرتا واهدن الأعزاء الذي أتوا ليشاركوا في هذه الذبيحة الألهية التماسا من الله نعمة القوّة على ممارسة ما مارس هذا المكرّم من فضائل مسيحية وصولا الى القداسة التي ينعم بها أمام الله والناس.

1-
نشأته

وُلد البطريرك اسطفان الدويهي سنة 1630 في اهدن. ولُقّب بعدئذ بالإهدني. وفي سنّ الحادية عشرة أرسله البطريرك جرجس عميرة الى المدرسة المارونية في روما، وتعلّم هناك اليونانية، واللاتينية، والعبرية، وأتقن السريانية، وكان يعرف العربية. وحصل على شهادة الملفنة في الفلسفة واللاهوت، وطُبعت اطروحته سنة 1650 في روما، وأهداها الى البطريرك يوحنا الصفراوي، وألّف، وهو طالب، كتابا في اللاتينية عن” الفردوس الأرضي” لم يُنشر بالطبع.
وبعد أن أنهى دروسه مكث في روما ستة أشهر ليبحث في المكاتب العامة والخاصة عن كل ما يتعلّق بالطائفة المارونية. ولم يُهمل أي كتاب أو مخطوطة كان بامكانه أن يوفّر له بعض معلومات عن ضاّلته. وكان قد تعوّد منذ أيام التلمذة الآ يذهب الى النزهة مع رفاقه، في أيام الفرص، بل كان يحبس نفسه في المكتبة أو في المدرسة ليبحث في مجموعة المخطوطات الثمينة التي قدّمها بعض التلامذة القدامى ، او بعض البارزين من الموارنة الى هذه المكتبة.
وقبل أن يعود الى لبنان عيّنه مجمع انتشار الايمان مرسلا رسوليا وأجرى له معاشا سنويا بفضل مداخلة ابراهيم الحاقلاني، أحد تلامذة روما، الذي لم يقبل الدرجات المقدسة، وظلّ في روما يعلّم في جامعاتها العربية والسريانية. وقد عيّنه الأمير فخر الدين مندوبا له لدى دوق توسكانا. وعاد الأب اسطفان الدويهي الى لبنان سنة 1655، بعد أن قضى في روما خمسا وعشرين سنة. ورقّاه البطريرك الصفراوي الى درجة الكهنوت المقدس، وفتح مدرسة في أهدن.
ورافق الخوري اندره أخي جان السرياني الى حلب، حيث كان يعظ ويعلّم السريان المهتدين ويعيد الناقمين الى حظيرة الإيمان. ثم عاد الى لبنان حيث أقام خمس سنوات في دير مار يعقوب في اهدن، فتفرّغ لتعليم الأولاد ولخدمة النفوس. وأرسله البطريرك ثانية الى حلب سنة 1663 ليعظ ويعلّم، فقضى خمس سنوات، وردّ عددا من الارثوذكس والنساطرة واليعاقبة الى الى الايمان الكاثوليكي.

2-
اسقفيته

وأقنع قنصل فرنسا في حلب، السيد بيكه، البطريرك الصفراوي، بمساعدة الخوري اسطفان الدويهي، ليرسم الأب أندراوس أخيجان مطرانا على السريان في حلب. ورافق المطران الدويهي مطران السريان الجديد الى حلب سنة 1657 ، وأقام فيها طوال ثمانية أشهر. وبعد خمس سنوات، أي في سنة 1668 في الخامس والعشرين من أذار يوم عيد سيّدة البشارة رقّاه البطريرك جرجس البسبعلي الى درجة الأسقفية على موارنة جزيرة قبرس.
وفي سنة 1670 انتخب بطريركا. ولقي ابان بطريركيته مصاعب كثيرة من غير المؤمنين، واضطّر الى الاختباء في قنوبين، ثم انتقل من هناك الى كسروان، حيث كان الحكّام من مشايخ آل الخازن، وبعد ذلك انتقل الى مجدل المعوش. وهو من شجّع على تأسيس الحياة الرهبانية في الكنيسة المارونية، وثبّت قوانينها. وفي سنة 1710 رقد بالرب في دير قنوبين.

3-
تآليفه

على الرغم من حياته المضطربة، وتنقلاته الكثيرة من الشمال الى الوسط والجنوب، تمكّن من أن يضع عدّة مؤلّفات لها قيمتها. وقد عدّد منها المطران بطرس شبلي، مطران بيروت، سبعة عشر مؤلّفا منها: الطقس،العقيدة المسيحية، الشرطونية، الأسرار ،التاريخ. والمنارة التي ترجمها الى اللاتينية الأب بطرس مبارك وقدّمها الى دوق قوزما الثالث الماديسي، وأمر بطبعها لكنها لم تُطبع. وهناك كتابه المعنون تاريخ الأزمنة الذي جمع فيه تقريبا كل ما قيل عن الموارنـة ، وهو ثلاثة أجزاء تبحث في أصل الموارنة، وتاريخهم، والدفاع عن سلامة عقيدتهم، وتفنيد مزاعم المفتئتين عليهم.
وهناك من شبّه البطريرك الدويهي بأتاناسيوس بطريرك الاسكندرية الذي جمع العلم والشجاعة في الدفاع عن العقيدة الكاثوليكية، ومقاساة الاضطهاد والعذابات من قبل الأعداء. ويبقى ان البطريرك الدويهي هو أحد أمجاد الأمة المارونية.

4-
اعلانه مكرّما

ان دعوى قداسة البطريرك اسطفان الدويهي لا تزال قيد النظر في المحاكم الرومانية. وفي السنة الفائتة جاء موفدا من قبل قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر صاحب النيافة الكردينال سارايفا، رئيس مجمع القديسين، الذي أعلنه باسم قداسته مكرّما. وعلينا الآن أن نوالي الصلاة الى الله لكي يسهّل اعلانه قديسا، وهو يساعدنا لديه تعالى لنتغلّب على ما يعترض سبيلنا من مشاكل في حياتنا اليومية.
وكم نحن في حاجة الى الصلاة والقديسين ليكونوا شفعاءنا لدى الله ليمّن علينا بحياة هادئة، مطمئة، ننصرف فيها الى عبادته تعالى ونيل رضاه، والقيام بما رتّبه علينا من واجب تجاه نفوسنا وبعضنا البعض ووطننا، ليكون وطن الأمان، والمحبة، والسلام. آمين.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير