بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الاثنين 6 يوليو 2009 (Zenit.org). – "إن حس الضياع الذي يعيشه شباب اليوم هو عميق"، مع ذلك "يمكن أن تكون هذه الساعة، ساعة الله": هذا ما قاله بندكتس السادس عشر لدى لقائه نهار السبت بالمشاركين في المؤتمر الأوروبي لرعويات الدعوات، والذي ختم أعماله أمس الأحد في روما.

بعد الإشارة إلى أن العناية بالدعوات هي "أولوية رعوية، تضحي أكثر أهمية في إطار السنة الكهنوتية التي بدأت لتوها"، تطرق البابا في كلمته إلى موضوع لقاء التفكير بشأن رعويات الدعوات في الكنيسة في أوروبا: "زارعي إنجيل الدعوة: كلمة تدعو وتُرسل".  

 

مثل الزارع الإنجيلي

لفت البابا في أول مقام إلى مجانية دعوة الله: "بسخاء ومجانية، ينثر الرب بذور كلمة الله، علمًا بأنها قد تلاقي تربة غير مناسبة، لن تسمح لها بالنمو بسبب القحط، أو أنها قد تطفئ قوتها الحيوية وتخنقها بين الأشواك".

كما وشدد على ثقة الرب في قدرة خليقته على الخير، بالرغم من كل الأخطاء والزلات: "الزارع لا يستسلم للقنوط، لأنه يعرف أن قسمًا من هذه البذور سيصل إلى "الأرض الطيبة"، أي إلى القلوب المتقدة القادرة على قبول الكلمة بجهوزية، لتجعلها تنمي بالثبات وتعيد الثمر بسخاء لخير الجميع".

أولية كلمة الله

وذكر البابا أن أصل كل دعوة هو الرب، فهو الذي يدعو الإنسان؛ "الرب هو وحده الذي يزرع دومًا في قلب الإنسان". ولذا شدد على أنه "فقط بعد الزرع السخي والفائض لكلمة الله يمكننا التقدم في سبل المرافقة والتربية، والتنشئة والتمييز".

وأضاف: "كل هذه الأمور ترتبط بالبذر الصغير، الهبة السرية للعناية السماوية، التي تفجر من ذاتها قوة فائقة. إنها كلمة الله التي من تلقاء ذاتها تعمل بشكل فعال ما تقول وترغب".

مثال حبة الحنطة

ثم تطرق البابا إلى كلمة يسوع عن حبة الحنطة التي تموت لتعطي ثمرًا مقدمًا إياها كنموذج للحياة الكهنوتية: "هناك كلمة أخرى ليسوع، تستعمل صورة البذر، ويمكننا أن نقربها من مثل الزارع: "إذا حبة القمح لم تقع في الأرض ولم تمت، تبقى مفردة؛ أما إذا ماتت فإنها تعطي ثمرًا كثيرًا" (يو 12، 24).

وشرح الأب الأقدس أن يسوع يشدد هنا على الترابط بين موت البذر وبين "الثمر الكثير" الذي يحمله.

وأوضح أن "يسوع هو حبة القمح بالذات. والثمر هو "الحياة الوافرة" (يو 10، 10)، التي حازها لنا من خلال صليبه.

"هذا هو أيضًا منطق الخصب الحق لكل عمل رعوي موجه للدعوات في الكنيسة: مثل المسيح، يجب على الكاهن والمربي أن يكونا "حبة قمح"، تتخلى عن ذاتها لعيش إرادة الآب؛ تعرف أن تعيش بعيدًا عن الضجيج والصخب؛ تتخلى عن البحث عن المظاهر وعظمة الصورة التي تضحي غالبًا اليوم معيار بل وهدف حياة الكثيرين في ثقافاتنا، ويقوم هؤلاء بجذب الكثير من الشباب".

زمن الضياع وساعة الله

ثم تحدث بندكتس السادس عن وضع الشبيبة في زمننا فقال: "إن حس الضياع الذي يعيشه شباب اليوم هو عميق. غالبًا ما تفتقر الكلمات البشرية للمستقبل والمنظور، وغالبًا ما تفتقر إلى المعنى والحكمة. يتفشى موقف نفاذ الصبر الجنوني وعدم قدرة عيش الانتظار".

ولكنه أضاف: "ومع ذلك، فهذه الساعة يمكن أن تكون ساعة الله: فدعوته، من خلال قوة ونفاذ الكلمة، تولد مسيرة رجاء نحو ملء الحياة. يمكن لكلمة الله أن تضحي حقًا نورًا وقوة، منبع رجاء، يمكنها أن تقيم مسيرة تمر من خلال يسوع، "الطريق" و "الباب"؛ من خلال صليبه، الذي هو ملء الحب".

وبالتالي اعتبر الأب الأقدس أن السنة الكهنوتية تقدم "فرصة جميلة لإيجاد المعنى العميق لرعويات الدعوة".

وقدم نقاطًا يجب أن تشكل جزءًا من الخيارات المنهجية الأساسية:

- الشهادة، البسيطة والموثوقة؛

-الشركة، عبر سبل تركز على الكنيسة المحلية ومقبولة بدورها في هذه الكنيسة؛ الحياة اليومية، التي تربي على اتباع الرب في حياة كل يوم؛

-الإصغاء، الذي يقوده الروح القدس، لكي يوجه الشباب إلى البحث عن الله وعن السعادة الحقة؛

- وأخيرًا الحقيقة، التي وحدها تستطيع أن تولد الحرية الداخلية.