وقفة روحية في زمن الصوم

بقلم الأب روبير معماري الأنطوني

اليوم الثالث عشر

روما، الاثنين 1 مارس 2010 (zenit.org). – . –  ولَمَّا حَلَّ المَسَاء، خَرَجَ يَسُوعُ وتَلامِيذُه مِنَ المَدِينَة. وفي الصَّبَاح، بَيْنَمَا هُم عَابِرُون، رَأَوا التِّيْنَةَ يَابِسَةً مِنْ جُذُورِهَا. فتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وقَالَ لَهُ: «رَابِّي، أُنْظُرْ، إِنَّ التِّيْنَةَ الَّتي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ!». فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: «آمِنُوا بِٱلله! أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: مَنْ قَالَ لِهذا الجَبَل: إِنْقَلِعْ وَٱهْبِطْ في البَحْر، وهُوَ لا يَشُكُّ في قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ ما قَالَهُ سَيَكُون، يَكُونُ لهُ ذلِكَ. لِهذَا أَقُولُ لَكُم: كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم. وإِذَا قُمْتُم لِلصَّلاة، وكَانَ لَكُم عَلى أَحَدٍ شَيء، فَٱغْفِرُوا لَهُ لِكَي يَغْفِرَ لَكُم أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذي في السَّمَاواتِ زَلاَّتِكُم».

تأمّل:

يحدث في بعض الأحيان أن يعترينا الشك نحن المؤمنين. إن الإيمان والشك يتجاذبان دائماً في حياة كلّ إنسان. ولكن هل يجوز أن نستسلم للشكِ ونكون غير مؤمنين؟

نرى في العهد الجديد كيف أنّ الشك كان يراود في بعض الأحيان تلاميذ يسوع: كبطرس عندما رآى يسوع يمشي على المياه أو كتوما الذي رفض أن يؤمن إلاّ إذا ما وضع إصبعه في جنب معلّمه أو كالتلاميذ الذين ارتعبوا عندما هبت العاصفة وكاد القارب أن يَغرق. إنَّ الشك اعترى التلاميذ ولكن لم يُفقدهم إيمانهم. يقول لاهوتي فرنسي: “إن التلاميذ هم الذين يشكّوا. الشك لم يمنعهم من أن يكونوا تلاميذ وكونهم تلاميذ لم يمنع عنهم الشّك”.

لا بُدَّ أن يعترينا بعض الشك أحياناً. ولكن لا يجب أن ندعَ الشكَ يغلبنا. بل بالعكس فلنغلب الشكَّ بالإيمان. فهذا ما يدعونا إليه الرب يسوع: آمِنُوا بِٱلله!

إذا كنّا نبحث أن نفسّرَ الحقائق الإيمانيّة بالعقل والبُرهان فنحن مُخطؤون. نحن بحاجة الى الإيمان لنُدرك وندخل في عمق هذه الحقائق.

نقول ونؤكِد أنَّ الإيمان ليس مجرّد تأكيد عقلي ومنطقي على الحقائق الإيمانيّة بل هو قناعةٌ داخليّة تتخطى كل تفكيرٍ وكلّ بُرهان، تتخطّى كل خوفٍ وكل شك لتطال قلب الله وتلتمس منه كل ما تسأله” كُلُّ مَا تَسْأَلُونَهُ في الصَّلاة، آمِنُوا أَنَّكُم نِلْتُمُوهُ، فَيَكُونَ لَكُم”.

اليوم الرابع عشر

إنجيل القدّيس لوقا (8: 40-56)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

وَلَمَّا عَادَ يَسُوع، ٱسْتَقْبَلَهُ الجَمْع، لأَنَّهُم جَميعَهُم كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ. وَإِذَا بِرَجُلٍ ٱسْمُهُ يَائِيرُس، وكَانَ رَئِيسَ المَجْمَع، جَاءَ فٱرْتَمَى عَلَى قَدَمَي يَسُوع، وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ، لأَنَّ لَهُ ٱبْنَةً وَحِيدَة، عُمْرُها نُحْوُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى المَوْت. وفِيمَا هُوَ ذَاهِب، كانَ الجُمُوعُ يَزْحَمُونَهُ. وَكانَتِ ٱمْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ ٱثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا. دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا. فَقَالَ يَسُوع: «مَنْ لَمَسَنِي؟». وَأَنْكَرَ الجَمِيع. فَقَالَ بُطْرُسُ وَمَنْ مَعَهُ: «يا مُعَلِّم، إِنَّ الجُمُوعَ يَزْحَمُونَكَ وَيُضَايِقُونَكَ!». فَقَالَ يَسُوع: «إِنَّ واحِدًا قَدْ لَمَسَنِي! فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!». وَرَأَتِ ٱلمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَها لَمْ يَخْفَ عَلَيه، فَدَنَتْ مُرْتَعِدَةً وٱرْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيه، وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِماذَا لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ شُفِيَتْ لِلْحَال. فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «يا ٱبْنَتِي، إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!». وَفيمَا هُوَ يَتَكَلَّم، وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ المَجْمَعِ يَقُول: «مَاتَتِ ٱبْنَتُكَ! فَلا تُزْعِجِ المُعَلِّم!». وَسَمِعَ يَسوعُ فَأَجَابَهُ: «لا تَخَفْ! يَكْفي أَنْ تُؤْمِنَ فَتَحْيا ٱبْنَتُكَ!». وَلَمَّا وَصَلَ إِلى البَيْت، لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ مَعَهُ سِوَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَأَبي الصَّبِيَّةِ وأُمِّهَا. وكَانَ الجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْها وَيَقْرَعُونَ صُدُورَهُم. فَقَال: «لا تَبْكُوا! إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ. لكِنَّهَا نَائِمَة!». فَأَخَذُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ لِعِلْمِهِم بِأَنَّها مَاتَتْ. أَمَّا هُوَ فَأَمْسَكَ بِيَدِها وَنَادَى قاَئِلاً: «أَيَّتُهَا الصَّبِيَّة، قُومِي!». فَعَادَتْ رُوحُهَا إِلَيْهَا، وَفَجْأَةً نَهَضَتْ. ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمُوهَا. فَدَهِشَ أَبَوَاها، وَأَوْصَاهُمَا يَسُوعُ أَلاَّ يُخْبِرَا أَحَدًا بِمَا حَدَث.

تأمّل:

يستوقفنا اليوم إيمان النازفة. إيمانها كبير وعظيم بمقدرة يسوع على الشفاء وحتّى لو كان أمرها مستعصٍ بعض الشيء.  شفى يسوع المرأة من نزفها، وبلحظة من الزمن فعل ما لم يقدر أحدٌ أن يفعله منذ إثنتي عشرة سنة. إنَّ قدرة الله على فعل المعجزات تتلاقى مع جرأة الإيمان عند الإنسان فيصنعان المعجزة والشفاء. إنّ صاحب الإيمان القوي يستوقف يسوع “مَنْ لَمَسَنِي؟” ويخطف لنفسه قوّةً منه تشفِ مرضه “فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!”.

إنّها مناسبةٌ وهي الآن لنؤمن بالرب وبقدرته على تحقيق ما نراه مستحيلاً لأنّه “ما من شيءٍ غير ممكن لدى الله” (لو1: 37).

اليوم الخامس عشر

إنجيل القدّيس يوحنّا (8: 21-27)

وعَادَ يَسُوعُ يَقُولُ لَهُم: «أَنَا أَمْضِي، وتَطْلُبُونِي وتَمُوتُونَ في خَطِيئَتِكُم. حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا». فَأَخَذَ اليَهُودُ يَقُولُون: «أَتُراهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ فَإِنَّهُ يَقُول: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا!». ثُمَّ قَالَ لَهُم: «أَنْتُم مِنْ أَسْفَل، وأَنَا مِنْ فَوْق. أَنْتُم مِنْ هذَا العَالَم، وأَنَا لَسْتُ مِنْ هذَا العَالَم. لِذلِكَ قُلْتُ لَكُم: سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم. أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم». فَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ، مَنْ أَنْت؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا هُوَ مَا أَقُولُهُ لَكُم مُنْذُ البَدء. لِي كَلامٌ كَثِيرٌ أَقُولُهُ فِيكُم وأَدِينُكُم. لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي صَادِق. ومَا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَم». ولَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الآب.

تأمّل:

غير أن هناك أمراض عضويّة تقتل الجسد، هناك أيضاً أمراضٌ تقتل النفس. من الأمراض التي تقتل النفس: الخطيئة. نعم، إنّ الخطيئة تقتل “سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم”. إنَّ الذي يعيش بحسب روح العالم منغمساً بالإثم، غارقاً في الملذّات كافراً بالله، يموت بخطيئته. إنّ “ما يزرعه الإنسان إياه يحصد: من يزرع في الجسد من الجسد يحصد فساداً”(غل6: 7-8).

إنّ الكفر بالله والبُعدِ عنه يسببان السقوط الخطيئة ومن ثُمَّ الموت: “أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم”. في بعض الأحيان ننكر الله بطريقة عيشنا وبدل أن نعمل إرادتَه نعملُ بإرادتنا ساعين في إرضاء كبريائنا ونزواتنا. فهل نعي أنَّ بنهجنا هذا يتآكلنا مرض الخطيئة ويتسلّل الموت الى حياتنا خلسةً؟

ليكن إيماننا قوي وحي بربّنا يسوع المسيح، فنتمسّك دائماً بوصاياه وتعاليم إنجيله ونبتعد عن الخطيئة والموت فنحيا للأبد.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير