بقلم فارس كلداني

الأردن، الثلاثاء 9 مارس 2010 (Zenit.org). – في منتصف الصوم يغرس صليب المجد في مذبح الكنيسة أمامنا وهو صليب المسيح, وتفعل ذلك في مرتين أخرتين في السنة, في 14 أيلول  وأول آب, معيدة الصليب إلى ذاكرتنا وتكريمنا. إن السجود للصليب يرتبط بحوادث تاريخية، لكن تذكار الصليب في الأحد الثالث من الصوم يستدعي فقط إيماننا وتقوانا, إذ يدور الأمر حول الجهر بدور الصليب في تاريخ الخلاص وحول استعدادنا لرؤية هذا الصليب الذي سيقام يوم الجمعة العظيم على الجلجلة التي ما زالت بعيدة.

خلال نهاية السحر ونحو نهاية الذكصولوجية الكبرى, يضع الكاهن صليباً على طبق مزين بالزهور. وإذ يحمل الصليب فوق رأسه يخرج من الهيكل, تتقدمه شموع مضاءة وبخور، وعندما يصل إلى وسط الكنيسة, يضع الصليب فوق الطاولة, ثم يبخر وترنم الجوقة: "لصليبك يا سيدنا نسجد ولقيامتك المقدسة يا رب نمجد", ثم يأتي الشعب ليقبل الصليب الذي يبقى معروضاً هكذا في وسط الكنيسة خلال العيد كله.

تحثنا الرسالة إلى العرانيين على أن نُقبل بثقة إلى عرش النعمة لننال غفران خطايانا بما أن يسوع هو كاهننا العظيم. ويذكرنا الإنجيل بكلمات المعلم الهامة والملحة, هل أنا مستعد أن أتبع المسيح حاملاً الصليب (لا الصليب الذي أكون اخترته بل الصليب الذي يضعه هو نفسه على كاهلي)؟ هل أنا مستعد أن أقبل جميع المحن أو الآلام التي يمكن أن تطرأ عليَّ, كاشتراك في صليب المخلص؟

حينما أدنو واسجد أمام الصليب المعروض في وسط الكنيسة وأقبله, هل ستكون قبلتي قبلة خاطئ غير تائب, قبلة يهوذا, أم هل سأنحني احتراما فقط دون تغيير شيء في حياتي, أم سيكون سجودي علامة إيمان وحنان تُلزم وجودي برمته؟

إن الانحناء أمام الصليب يضيف يا إخوتي مسؤولية كبيرة على عاتقنا ألضمائري حيث إننا نوعد الإله الذي قدس هذه الخشبة التي كانت تشير إلى الخطيئة والعار ونقول له: ها نحن منحنون أمامك يا الهي وأنت معلق على الصليب ، نطلب منك أن تغفر لنا خطايانا لأنك صلبت من اجلنا ونقر بأن لا نعود إلى الخطيئة.

كلام كبير يقال ، ووعود اكبر علينا أن نلتزم بها ليس فقط في زمن الصليب المقدس فحسب بل الوعد يلزم المؤمن إلى الأبد وهنا تختلف نيات السجود ، فكيف ومتى نكون راكعين أذا بصدق؟

حين نركع وقلوبنا نقية، متسامحين مع الذين أساءوا إلينا، محبين للذين يبغضوننا، صريحين مع مؤتمنينا، صادقين مع الآخرين، فهذا هو السجود أمام الصليب أن تكون المحبة تغمر قلوبنا.

 صلاة للصليب المحيي

يا ربَنا يسوع المسيح، يا ابن ألآب الأزلي، يا مَن جعلتَ خشبة الصليب، علامةً لانتمائنا، رايةً لمسيرتنا، سوراً حصيناً لإيماننا، ينبوعاً فائضاً لنعمكَ وبركاتكَ، مشعلاً ينير لنا دروبَ الحياة، لنواصل مسيرة الإيمان عبر طرق الزمن، ونُعلن الانتصار على حيلِ العدوّ، وطرقه المعوجّة والملتوية، وبه صالحتَنا مع الله ألآب، ومحوتَ صكَّ ذنوبنا وخطايانا، وأعلنتَ عَظَمَةَ حبّكَ لنا.

إننا نتضرّعُ إليكَ، أنْ ترحمَنا وتحنن علينا، فمأساةُ الصليب تجري أمامَ عيوننا كلَّ يوم، كما تراكم الغبار على إنجيلنا، وشوّهتِ الخطيئةُ صورة الله فينا، إذ جعلناها صورةً، تتوافق مع أهوائنا وأفكارنا، فبَنَيْنا لنا كنائس خاصة، بدل كنيستكَ الحقيقية التي هجرناها، وأصبحتْ غريبةً عنا.

نعم يا رب، إننا نلتجئُ إليكَ عبر صليبكَ المقدس، أنْ تباركَ رعيّتَنا وعائلاتنا، امنح السلامَ والأمانَ لبلدنا الجريح، وارحم الموتى والشهداء، وأوقِفْ أصواتَ طبول الحرب، لكي لا يسقط الأبرياء ضحية العنف والإرهاب. بارك ثمارَ أرضنا. أحفظ أطفالَنا وشبابَنا. بارك المتزوّجين. اسند شيوخَنا. اشفِ مرضانا. أَعِدْ إلينا بالسلامة البعيدين. ولا تجعلنا غرباءَ عن صحبتكَ، بل اجعلنا أحباءَكَ. وبقوة صليبكَ اجعلنا أنْ نحيا إيمانَنا، فنكون شهوداً وشهداء. وسيبقى الصليب المقدس علامة انتمائنا وانتصارنا، يا مَن غلبتَ الدنيا بصليبكَ . آميـن.