روما، الأربعاء 03 مارس 2010 (Zenit.org) – سوف تعيد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الحكم في قضية الصليب التي أثارت صخباً كبيراً قبل بضعة أسابيع في إيطاليا وفي العالم. فقد أعلن المركز الأوروبي للقانون والعدالة، وهو عبارة عن منظمة غير حكومية متخصصة في الدفاع عن حرية الدين والضمير، عن عزمه الادعاء في هذه القضية من موقع الطرف الثالث للدفاع عن فهم الحرية الدينية بطريقة سليمة.
ننشر في ما يلي البيان الصادر عن المركز الأوروبي للقانون والعدالة والذي يوضح سبب إعادة الحكم في قضية الصليب.
***
نذكر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت قد حكمت في قرار لوتسي إيطاليا (الطلب رقم 30814/06) الصادر في 03 نوفمبر 2009 أن وجود الصليب في قاعات التدريس الإيطالية منافٍ لحرية الدين لدى الأطفال ولحق الأهالي في تربية أبنائهم بحسب معتقداتهم.
في نهاية شهر يناير 2010، استأنفت الحكومة الإيطالية هذا القرار. أبدى خمسة قضاة في المحكمة رأيهم في هذا الاستئناف، واتخذوا قرار إحالة القضية إلى الدائرة الكبرى لتعيد الحكم فيها. لا تشمل الدوائر العادية (الفروع) إلا سبعة قضاة، في حين أن الدائرة الكبرى تتألف من 17 قاضياً. وبحسب قانون محكمة ستراسبورغ، فمن الممكن أن تعيد الدائرة الكبرى الحكم في قضية ما عندما تطرح “تساؤلاً خطيراً متعلقاً بتفسير أو تطبيق الاتفاقية أو بروتوكولاتها، أو التساؤل الخطير ذات الطابع العام الذي يستحق بحث الدائرة الكبرى فيه”. من خلال اتخاذ قرار إعادة الحكم بهذه القضية، أقر القضاة الخمسة بأن “القضية تطرح تساؤلاً مشابهاً” (البند 73 من قرار المحكمة).
لا بد من القول بأن هذا القرار واجه للمرة الأولى في تاريخ المحكمة رفضاً سياسياً لم يسبق له مثيل ، لدرجة القدرة على التصدي بحركة تمرد ضد المحكمة. ففي الواقع أن برلمانات وحكومات وطنية ومحاكم وطنية عليا انتقدت علناً محكمة ستراسبورغ.
فقد اتخذ البرلمان النمساوي قراراً ضد القرار لوتسي في 19 نوفمبر 2009، وهذا ما فعله أيضاً البرلمان البولندي (في 3 ديسمبر 2009) والسلوفاكي (10 ديسمبر 2009). مؤخراً (في الرابع من فبراير 2010)، عبر وزير الخارجية النمساوي عن رفضه للقرار. وقامت عدة حكومات (الليتوانية بخاصة) بالإعلان الرسمي عن عزمها التدخل كطرف ثالث.
أعلن المركز الأوروبي للقانون والعدالة عن عزمه الادعاء من موقع الطرف الثالث في هذه القضية للدفاع عن فهم الحرية الدينية بشكل سليم. ويتحدث غريغور بابينك، مدير هذا المركز، عن انضمام مئة نائب من مختلف البلدان والأحزاب السياسية الأوروبية إلى المركز لمطالبة رئيس المحكمة بالسماح بتقديم ملاحظات خطية والمشاركة في الجلسة. وسيقدم هذا الطلب رسمياً خلال الأيام المقبلة. إن المركز الأوروبي للقانون والعدالة هو عبارة عن منظمة غير حكومية متخصصة في الدفاع عن حرية الدين والضمير. لذلك، ومنذ أكثر من 10 سنوات، تشارك هذه المنظمة غير الحكومية بشكل مباشر ووثيق بعدة قضايا مهمة محالة حول هذه المواضيع إلى المحكمة وإلى آليات أخرى لحماية حقوق الإنسان.
يرجو غريغور بابينك أن تراجع الدائرة الكبرى القرار المتخذ في نوفمبر الأخير لأنه غير مرضٍ من الناحية القانونية والسياسية. وبالتالي، فلا يمكن الدفاع مثلاً عن إمكانية وجود حق في “عدم رؤية صليب”، كما تدعي المحكمة. بعيداً عن هذه القضية، يطالب عدد متزايد من الحكومات الأوروبية بتغيير في موقف المحكمة. وتعتبر هذه الحكومات أنه يجب على المحكمة أن تتخلى عن المجال الإيديولوجي الذي كثيراً ما تميل إليه لتعود إلى إدراكها الأساسي والأول لحقوق الإنسان. كثيرون هم الذين يقلقون من الطابع السياسي أكثر منه القانوني لقرارات محكمة ستراسبورغ التي تتخذ منذ نحو عشر سنوات. من هنا تدعى المحكمة الأوروبية إلى العودة إلى الواقعية وإلى احترام القيم الروحية والأخلاقية التي يبنى عليها المجلس الأوروبي. فما هي محكمة حقوق الإنسان التي تدين القيم التي تأسست عليها؟
إن المسيحية هي بامتياز قلب هذه القيم – على الأقل هذا هو رجاؤنا. وكما يشير قانون المجلس الأوروبي، فإن هذا الأخير يقوم على “القيم الروحية والأخلاقية التي تشكل الإرث المشترك بين الشعوب الأوروبية، ومصدر مبادئ الحرية الفردية والحرية السياسية وسيادة القانون التي تبنى عليها كل ديمقراطية حقيقية”.
يعود للمحكمة الآن العمل على إعادة اكتشاف الطبيعة الفعلية لقيمها الأساسية.
المركز الأوروبي للقانون والعدالة
4، شارع كوش
67000 ستراسبورغ، فرنسا
هاتف: + 33 (0)3 88 24 94 40