بقلم الأب روبير معماري الأنطوني
اليوم الثامن عشر
روما،الخميس 4 مارس 2010 (zenit.org). – . – وَسَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة. وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!». وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا. وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا. فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ. وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل! وَكمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين. وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون. ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين. هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان. في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء. تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط! مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً. أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر. وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى». … فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور».
تأمل:
“قلبنا يا رب لن يرتاح إلاّ إذا استقرَّ فيك”. يكشف لنا القدّيس أغسطينس بقوله هذا عن حقيقتين تخص الإنسان:
الأولى هي أنّه كائنٌ يسعى ويبحث باستمرار عن السلام الاستقرار
والثانية هي أنّه لا يجد السلام والاستقرار إلاّ بالله.
السؤال المهم هنا هو التالي: أين يجب أن نبحث عن الله لنجده فنستقر ونرتاح فيه؟
يأتينا الجواب من الرب عينه: “إنَّ ملكوت الله في داخلكم”.
ولكن السؤال الأكبر والأصعب عملياً هو كيف يمكننا أن نلج الى هذا الملكوت؟
في تكتيك الحروب، لكي يتمكّن جيشٌ من اجتياح منطقة ما والسيطرة عليها فعليه أن يدرسها جغرافياً ويتعرف الى طبيعتها ومن ثم يستخدم الآليات التي تناسب تلك الطبيعة. بالمنطق عينه، لا يمكننا أن نلج الى الملكوت الذي فينا إلاّ إذا ما تعرفنا على ماهية طبيعته واستخدمنا الوسائل المتلائمة مهعا.
يقول القدّيس بولس: “فلَيس مَلَكوتُ اللهِ أَكْلاً وشُرْبًا، بل بِرٌّ وسَلامٌ وفَرَحٌ في الرُّوحِ القُدُس” (رو14: 17). إذاً، إذا كان ملكوت الله قائماً بطبيعته على البرّ والفرح والسلام وكُنّا نعيش هذه الفضائل ونحافظ عليها في قلوبنا فهناك حتماً نكون في ملكوت الله.
لنستقر في الله بعيشنا البر والفرح والسلام فنجّد الراحة لنفوسنا.