فَرَاحَ يُفَكِّرُ في نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَفْعَل، وَلَيْسَ لَدَيَّ مَا أَخْزُنُ فِيهِ غَلاَّتِي؟
ثُمَّ قَال: سَأَفْعَلُ هذَا: أَهْدِمُ أَهْرَائِي، وَأَبْنِي أَكْبَرَ مِنْها، وَأَخْزُنُ فِيهَا كُلَّ حِنْطَتِي وَخَيْراتِي،
وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي!
فَقَالَ لَهُ الله: يا جَاهِل، في هذِهِ اللَّيْلَةِ تُطْلَبُ مِنْكَ نَفْسُكَ. وَمَا أَعْدَدْتَهُ لِمَنْ يَكُون؟
هكذَا هِيَ حَالُ مَنْ يَدَّخِرُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَغْتَنِي لله».
تأمّل:
إنَّ الله مجانيّ العطاء وكثيرُ الجودِ. يعطي كل إنسان من عطاياه ومواهبه بدون حدود كما أعطى هذا الرجل الغني: “رجلٌ غنيّ أغلّت له أرضه”. إذا أغلّت الأرض، فالفضل يعود لله وحده الذي له السموات والأرض.
مما لا شكَ فيه هو أنَّ الله يخص كلّ شخصٍ بموهبة ما ولكن هذه الموهبة ليست ملكاً خاصاً بل هي لخير جميع البشر. يقول القدّيس بولس: “كلُّ واحدٍ ينال موهبةً يتجلّى فيها الروح القدس للخير العام”(1كور12: 7). فالرجل الغني لم يفكّر إلاّ بنفسه: “يا نَفْسِي، لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِسِنينَ كَثِيرَة، فٱسْتَريِحي، وَكُلِي، وٱشْرَبِي، وَتَنَعَّمِي”، وبالتالي فخطيئته لم تكن غِناهْ بل أنانيّته.
إذا كانت لدينا مواهب كثيرة، فلنعلم أنها ليست ملكنا بل هي ملكٌ لله يُنعِم علينا بها لكي نشرك فيها إخوتنا البشر من أجل الخير العام.
لنُبْعِدْ عنا، في هذا الصيام، روح الأنانيّة ونلزَم روح الأخوة والتضامن والإنسانيّة.