ودَعَا يَسُوعُ تَلامِيْذَهُ وقَال: «أَتَحَنَّنُ على هذَا الجَمْع، لأَنَّهُم يُلازِمُونَنِي مُنْذُ ثَلاثَةِ أَيَّام، ولَيْسَ لَهُم مَا يَأْكُلُون. ولا أُرِيْدُ أَنْ أَصْرِفَهُم صَائِمِينَ لِئَلاَّ تَخُورَ قُوَاهُم في الطَّريق».
فقَالَ لَهُ التَّلامِيذ: «مِنْ أَيْنَ لَنَا في البَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهذَا المِقْدَارِ حَتَّى يُشْبِعَ هذَا الجَمْعَ الغَفِيْر؟».
فَقَالَ لَهُم يَسُوع: «كَمْ رَغِيْفًا لَدَيْكُم؟». فَقَالُوا: «سَبْعَةُ أَرْغِفَة، وبَعْضُ سَمَكَاتٍ صِغَار».
وأَمَرَ يَسُوعُ الجَمْعَ أَنْ يَجْلِسُوا عَلى الأَرْض.
وأَخَذَ الأَرْغِفَةَ السَّبْعَةَ والسَّمَكَات، وشَكرَ وكَسَرَ وبَدَأَ يُنَاوِلُ التَّلامِيْذ، والتَّلامِيْذُ يُنَاوِلُونَ الجُمُوع.
فَأَكَلُوا جَمِيْعُهُم وشَبِعُوا، ورَفَعُوا مِنْ فَضَلاتِ الكِسَرِ سَبْعَةَ سِلالٍ مَمْلُوءَة.
وكَانَ الآكِلُونَ أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُل، ما عَدَا النِّسَاءَ والأَطْفَال.
وبَعْدَ أَنْ صَرَفَ الجُمُوعَ ركِبَ السَّفِيْنَة، وجَاءَ إِلى نَوَاحِي مَجْدَلْ.
تأمّل:
ما أحن قلب الله وما أشدّ وعيَه لإحتياجات البشر خلائقَه. إنّه الراعي الساهر على قطيعه يؤمِّن لهم الطعام الروحي والمادي في حينه ويشبعهم من خيراته. يعلّمنا الرب اليوم كيف نكون إنسانيين مع إخوتنا البشر. نعيش كمال إنسانيتنا بتحنّننا على الآخرين وبوعينا الى حاجاتهم. يعلّمنا أنّ حياتنا الروحيّة لا تكتمل إلاّ باكتمال إنسانيّتنا وأنّ الأنانيّة تجعل من قلوبنا قلوباً غليظة وتقتل فينا الروح والإنسانيّة.
كلّنا عائلة واحدة الله رأسها. أيجوز لنا كأبناء للآب الواحد وكإخوةٍ أن نتجاهل حاجيّات بعضنا البعض. فلنفكّر بالآخرين كما يفكّر الله فينا كلّ يوم. ففضلنا على الآخرين هو من فضل الله علينا. فكما أن يسوع أكثر الخبز والسمك وناول تلاميذه والتلاميذ ناولوا الجموع، فلنبادِر بفتح أيادينا فيملؤها الله ويأخذ منها المحتاج.