مقابلة مع أسقف بندنك بمناسبة زيارة أوباما الى اندونيسيا
جاكرتا، الخميس 11 نوفمبر 2010 (zenit.org). – – “لقد عاشَ الرئيس أوباما في أندونيسيا وعرفها جيدًا، لذلك نطلبُ منه العملَ في جميع أنحاء آسيا من أجل بناء الانسجام والسلام مع الإسلام”. هذا ما قاله لوكالة فيدس صاحبُ السيادة المونسنيور يوهانس بوجسماراتا، أسقف باندنك والأمين العام لمجلس أساقفة أندونيسيا، بمناسبة زيارة الرئيس أوباما اليوم إلى أندونيسيا، المحطة الثانية من زيارته إلى قارة آسيا. وذكر المونسنيور بوجسماراتا باسم مجلس الأساقفة، وذلك في مقابلة مع فيدس، التحديات الرئيسية، التعصب والفساد والفقر، التي يواجهها أكبرُ بلدٍ مسلم في العالم، وحيثُ تعززُ فيه الأقلية المسيحية (حوالي 10%) قيمَ التعددية والحوار والاحترام والحرية والديمقراطية وكرامة الكائن البشري.
صاحب السيادة، ماذا تقولون للرئيس الامريكي؟
كمسيحيين في اندونيسيا، نطلبُ منه الحوار والعمل بقناعةٍ وبدون كلل وعلى مستوى عالمي، من أجل بناء الانسجام والسلام بين الغرب والعالم الاسلامي. الرئيسُ يعرفُ اندونيسيا، فهو بلدٌ يمكن أن يكونَ نموذجًا للتعددية والحوار والاحترام المتبادل بين الجماعات المختلفة على الرغم من الصعوبات الموجودة.
هل يوجدُ خطرُ تعصبٍ ديني في البلد؟
أريد قبل كل شيء رسمَ إطار عام عن اندونيسيا: فهو بلدٌ واسعٌ وتعددي، مثل فسيفساء مركبة بتناغم. وهو مجتمعٌ تعيشُ فيه قيم الحوار والاحترام والتعددية والتعاون بين الجماعات الدينية المختلفة. ولكن عندما يُحتكر الدين لأجل مصالح سياسية، ستُعاق مسيرةُ هذا الانسجام في العيش، وهذا ما يحدث بسبب مجاميع أصولية اسلامية تريدُ تغييرَ الأسس التي تقومُ عليها الدولة.
في هذا الصدد، ما هو دور المسيحيين في البلاد؟
اندونيسيا ليس بلدًا ثيوقراطيًا أو علمانيًا، بل بلد يمكننا تعريفه “علماني – ديني”، فهو يبنى على خمس مبادئ (البانشاسيلا) تشيرُ إلى تدينٍ عام وإلى قيمٍ إنسانية عامة. كمواطنين في هذا البلد، وكمسيحيين، تقعُ علينا مسؤولية كبيرة، وخاصة علينا نحن الأساقفة، تكمنُ في المساهمة في بناء حياة حضرية وديمقراطية، إلى جانب جميع البشر ذوي الإرادة الصالحة. ويكمنُ واجبنا أيضًا في الدفاع عن الهوية الوطنية المبنية على أساس البانشاسيلا، والتي تضمن حياتنا وحريتنا ورسالتنا كباقي المواطنين. وفي عملنا ضدّ أي محاولة، خفية أو ظاهرة، لفرض الشريعة الاسلامية في المجتمع، ندركُ تمامًا الصعوبات. مع هذا يبقى الحوار مع الجميع، وبضمنهم الأصوليين محورَ عملنا.
تبقى كلمة “الحوار” مفتاحًا، ولكن هل هي ممكنة؟
نعيش في بلد ذات أغلبية مسلمة. ولذلك فإنّ مستقبلَ اندونيسيا يعتمدُ على قدرتنا في تعزيز كلمة “الحوار” اليوم بين مختلف الجماعات الدينية، كطريقٍ للسلام والانسجام. ونحن مقتنعون من هذا لأنّه جزءٌ رئيسي من رسالتنا في هذا البلد، وهي مسيرة يشاركُ فيها الآخرون أيضًا. فذلك الذي تشجعه الكنيسة ليس هو مجرّد “مسامحة الآخر” بل حوار أصيل يولّد صداقة وتقدير وحضارة احترام وحب بين مؤمني الجماعات المختلفة.
كيف تفكرون في موضوع الفساد الذي يعرّفه المراقبون بالمتفشي؟
كأساقفة، وصفنا حالات الفساد كسرطانٍ يدمّر البلاد بأكملها، ويمسّ جميع جوانب الحياة الاجتماعية كونها أيضًا ظاهرة مقبولة اليوم بصورةٍ علنية. بينما نعتبرها نحنُ حالةً غير مقبولة، فهي تجعل الحياة العامة عبدًا لإله المال. بينما تشجّع الكنيسة مبدأ الشفافية، وتسعى لتعليم قيم النزاهة والكرامة والعطاء والخدمة. وحتًى في الإدارة الكنسيّة، من الضروري تشجيع إدارةٍ نزيهة وشفافة لتُظهر مصداقيتها للآخرين.
هل أشار الأساقفة أيضًا إلى خطر الفقر؟
حول هذا الموضوع، اهتمامنا كبير دومًا. وبحسب المعلومات الواردة من تعداد عام 2010، وصل عدد نسمات الشعب الأندونيسي إلى 238 مليون. ولكن التطور الاجتماعي الملاحظ في السنين الأخيرة كان بحسب وجهة نظرنا، موجّهًا لفائدة الأغنياء فقط: على سبيل المثال، المدارس والمستشفيات ليست في خدمة الفقراء، ولا زال الانقسام في المجتمع كبير. ومع ازدياد عدد السكان، يزداد أيضًا عدد الفقراء والمهمشين، وعدم التوازن هذا يشكّلُ مصدرَ قلق الجماعة المسيحية. الكنيسة مدعوة لتكون “كنيسة الفقراء” لإيصال محبة الله، “الحبّ الكامل” لأكثر الفقراء فقرًا.